والتبني غير أن ذلك لما كان نتيجة التقاطهم له وثمرته شبه بالداعي الذي يفعل الفاعل الفعل لأجله ، وهو غير مستقيم على ما ذهب إليه المصنف من أن الاستعارة في ذلك تصريحية ؛ وذلك لأن المذكور في التصريحية يجب أن يكون هو المشبه به سواء كانت تبعية أو أصلية إلا أن التبعية لا يكون التشبيه فيها في نفس المفهوم من اللفظ المستعمل بل في ملابسه كالمصدر المشتق منه الفعل والوصف ، ومقتضى ذلك حيث قدر التشبيه في متعلق معنى الحرف وأريد به المجرور أن يذكر المشبه به وهو العلة الغائية في المثال والظرف كالدار في نحو زيد في نعمة ولم يذكر بل هو المتروك هنا نعم يستقيم على مذهب السكاكي الذي يجعل التبعية مكنيا عنها وسواء اعتبر في كونها مكنيا عنها ما اعتبره المصنف في الكناية وهو أن يضمر التشبيه في النفس ثم يذكر لوازم المشبه به أو ما اعتبره السكاكي فيها وهو أن يطلق المشبه على المشبه به ادعاء إذ يصح أن يعتبر أنه أضمر تشبيهه العداوة والحزن بالعلة الغائية في النفس ، ثم ذكر ما هو لازم المشبه به وهو اللام ، أو أنه أطلقت العداوة والحزن على العلة الغائية ادعاء ، ثم ذكر ذلك اللازم ، فالذي ينبغي أن يعتمد في استعارة الحرف والفعل وشبهه أن التشبيه حيث جعل في المجرور تكون به الاستعارة مكنيا عنها كما قررنا ، ولا يستقيم حينئذ جعلها تبعية ؛ لأنها تصريحية على مذهب المصنف وقد علم أنه يجب أن يذكر فيها المشبه به ، وهو متروك في المثالين ، فإن أريد جعلها تبعية على مذهبه وجب أن يجعل التشبيه في متعلق معنى الحرف على ما قررناه في المراد بمتعلق معنى الحرف فيما تقدم ، فيجعل التشبيه في ليكون لهم عدوا وحزنا في متعلق معنى اللام وهو ترتب العلة الغائية بأن يقدر تشبيه ترتب العداوة والحزن بترتب تلك العلة على طريق التهكم بجعل التضاد كالتماثل كما تقدم ، والوجه هو حصول مطلق الترتب وإن كان في العلة الغائية رجائيا ، وفي العداوة والحزن فعليا كما تقدم ، أو هو حصول بعد طلب النفع على التقدير أو الفعل أيضا ، فلما شبه الترتب بالترتب جرت الاستعارة أولا في ذلك الترتب اللازم للعلية أو لكون الشيء علة مع ما يشبهه وتبع ذلك نقل الحرف فيكون نقله واستعماله نظير الأسد حيث نقل إلى الشجاع لنقل الحرف إلى ترتب شبيه بالترتب العلي الذي هو الأصل في الحروف ،