لا يناسب (نحو) قوله : تعالى (فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) (١) فإن التبشير إخبار يسر فلا يناسب تعقله بالعذاب فعلم أن المراد به ضده وهو الإخبار المحزن ووجه الشبه منتزع من التضاد بواسطة التهكم كما تقدم في التشبيه فصار ذكر العذاب الذي هو المجرور قرينة على أنه أريد بالتبشير ضده ، فإن قيل إذا كان التبشير إخبارا بمفروح به والعذاب هنا بمنزلة المفروح به تضمن الكلام نوعا من التكرار ، إذ لو استعمل في المفروح به ، وقيل بشره بقدوم أبيه كان التقدير أخبره بمفروح به بقدوم أبيه ، فيكون كالتكرار أو كالبدل ، وجعل ما بمنزلته قرينة يدل على خروجه عن معنى الفعل قلنا : التبشير إخبار يسر في الجملة والمتعلق وهو المجرور خاص زائد على ذلك فإذا قيل : ـ مثلا ـ بشره فمعناه أوقع له السرور في خبرك وقولك بعده بقدوم أبيه زائد على هذا المعنى فصح كونه خارجا عن معنى الفعل ، فيصح كون ما بمنزلته قرينة زائدة على الفعل ولو سلم فلا مانع من كون المتعلق كالتأكيد للفعل ، وما بمنزلته يكون قرينة ، ولو كان جزءا والأول أظهر ، وقد تقدم أن قوله : مدار يفيد أن القرينة قد تكون غير الفاعل والمفعول والمجرور فلذلك عبر به كالقرينة الحالية كقولك : قتلت زيدا عند دلالة حال التكلم على أن المراد بقتلت ضربت ضربا شديدا.
أقسام الاستعارة باعتبار آخر
ثم أشار إلى تقسيم آخر في الاستعارة فقال (و) الاستعارة ينظر فيها (باعتبار آخر) غير اعتبار الطرفين والوجه الجامع واللفظ المستعار ، وإذا نظر فيها بذلك الاعتبار وهو وجود الملائم لأحد الطرفين وعدمه فهي (ثلاثة أقسام) إما أن لا تقترن بشيء يلائم أحد الطرفين وهما المستعار منه وإليه ، أو تقترن بما يلائم المستعار منه فهذه ثلاثة أقسام أولها :
__________________
(١) التوبة : ٣٤.