في الترشيح فظاهرة ، وأما في الإطلاق فلعدم ظهور ما يشعر بالأصل لفظا ، والقرينة على الاستعارة ما سيق في الكلام وهو قوله :
إذا تبسم ضاحكا |
غلقت لضحكته رقاب المال |
لأن معناه أنه إذا تبسم شارعا في الضحك عرف السائلون أنهم تمكنوا من أخذ المال كيف أرادوا ؛ لكونه صار من عادته أنه إذا تبسم فقد أذن في ماله بلا تحجير يقال غلق الرهن إذا لم يكن انفكاكه فجعل ضحكه موجبا للتمكن من المال بحيث لا ينفك من أيدي السائلين. وقولنا في تفسير ضاحكا شارعا في الضحك يحتمل أن يراد بالضحك فيه ما زاد على التبسم فتكون الحال مؤسسة ويتوسع في التقارن بين التبسم والضحك ؛ بأن يجعلا متقارني الوقوع في الزمن الواسع ويحتمل أن يراد بالشروع نفس التبسم والأخذ في مبادئ الضحك ، فتكون الحال مؤكدة ، ومعلوم أن الغمر ليست صفة نعتية في التركيب (و) الثالث من هذه الأقسام (مرشحة) بفتح الشين (وهي ما قرن بما يلائم المستعار منه) دون ما يلائم المستعار له وسميت بذلك ؛ لأن الاستعارة مبنية على تناسي التشبيه حتى كأن الموجود في نفس الأمر هو المشبه به دون المشبه وأن اسمه هو الذي يطلق على معنى الطرفين لكونهما من حقيقة واحدة وذكر ما يلائم المشبه به دون المشبه يزيد في إفادة قوة ذلك التناسي فتقوى الاستعارة بتقوى مبناها لوقوعها على الوجه الأكمل أخذا من قولك رشحت الصبي إذا ربيته باللبن قليلا قليلا حتى يقوى على المص ، ومنه المرشح للوزارة أي : المربى لها حتى تقوى عليها والترشيح أيضا كما تقدم في التجريد إما أن يكون بذكر صفة كقولك رأيت أسدا ذا لبد يرمي ، وإما أن يحصل بتفريع (نحو) قوله : تعالى (أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ) وَما كانُوا مُهْتَدِينَ)(١) فإن الاشتراء مستعار من استبدال مال بآخر إلى استبدال الحق بالباطل واختياره عليه بدليل تعلقه بالضلالة والهدى بجامع ترك ما هو أخص بالتارك للاتصال ببدله المرغوب عند التارك ولما استعير الاشتراء للاستبدال المذكور فرع عليه ما يلائم الشراء من نفي الريح في التجارة ، ونفيه يلائم المشبه به ،
__________________
(١) البقرة : ١٦.