الصيف ضيعت اللبن أي لما طلبت الطلاق في الصيف أوجب لها ذلك أن لا تعطي لبنا فلما قال لها الرسول ذلك وضعت يدها على زوجها الشاب فقالت : مذق هذا خير أي : لبنه المخلوط بالماء على جماله وشبابه مع فقره خير من الشيخ ولبنه ثم نقله الناقل الأول لمضرب هو قضية تضمنت طلب الشيء بعد تضييعه والتفريط فيه ثم فشا استعماله في مثل تلك القضية مما طلب فيه الشيء بعد التسبب في ضياعه في وقت آخر فصار مثلا لا يغير بل يقال ضيعت بكسر التاء والإفراد ولو خوطب به المذكر أو المثنى أو المجموع.
ثم لما كان قولنا أنشبت المنية أظفارها بفلان قد اتفق على أن فيه الاستعارة المكنى عنها والاستعارة التخييلية.
واختلف في تقرير الاستعارتين وفي تحقيق معناهما فيه على أوجه ثلاثة أحدها ما يفهم من كلام الأقدمين وثانيها ما اعتبره السكاكي وسيأتيان وثالثها ما ذهب إليه المصنف وكان مقتضى مذهب المصنف أنهما ليستا من الاستعارة السابقة إذ هما عنده فعلان من أفعال النفس لا لفظ كما في الاستعارة المتقدمة جعل لهما فصلا على حدة لمخالفتهما ما تقدم عنده فقال.
فصل فى بيان الاستعارة بالكناية والاستعارة التخييلية
(فصل) : في بيان الاستعارة بالكناية والاستعارة التخييلية وقد تقدم أنهما عند المصنف فعلان من أفعال النفس أحدهما إضمار التشبيه والآخر إثبات اللوازم على ما سيذكره المصنف ، ومعلوم أنهما بهذا الاعتبار غير داخلين في تعريف المجاز ، إذ هو لفظ فالاستعارة الداخلة في تعريف المجاز السابقة إنما أطلقت عليهما على سبيل الاشتراك اللفظي ، ولما أراد المصنف استيفاء ما يطلق عليه لفظ الاستعارة ولو كان الإطلاق على سبيل الاشتراك اللفظي أتى بهذا الفصل لبيانهما كما بينا آنفا فأشار إلى بيانهما بقوله : (قد يضمر التشبيه) أي : قد يستحضر المتكلم تشبيه شيء بشيء على وجه المبالغة وادعائه في نفسه أن المشبه داخل في جنس المشبه به ويحتمل أن يراد بالإضمار استحضار أن لفظ المشبه تضمن ما شبه بغيره على وجه المبالغة فيكون الإضمار متعلقا