كالعين يطلق مجازا مرسلا على الربيئة (١) فهو مسلم ، ولا يفيد نفي مطلق الفائدة حتى يكون قسيما لكل ما يفيد هاتين الفائدتين أو غيرهما ، وإن أريد أنه لا فائدة فيه أصلا لم يسلم ؛ فإن المجاز مطلقا لا يخلو عن فائدة ولو كانت تلك الفائدة هي أن الدلالة على معناه كدعوى الشيء بالدليل المفيد للتقرر في الذهن حيث تضمن ملاحظة الأصل إذ بذلك يحصل مع القرينة والعلاقة الانتقال منه إلى لازمه ، ثم قسم المعنوي المتضمن للفائدة وقد عرفت أنه يشمل بعض المجاز المرسل وغيره (إلى الاستعارة وغيرها) حيث قال : إن تضمن ذلك المعنوي الذي فيه الفائدة المبالغة في التشبيه كالأسد يستعمل في الرجل الشجاع فهو استعارة وإن لم تضمنها ولكن فيه فائدة أخرى كما تقدم في إطلاق العين على الربيئة فهو غير الاستعارة وهو لبعض أقسام المجاز المرسل.
تعريف السكاكى للاستعارة
(وعرف) السكاكي (الاستعارة) التي هي أحد قسمي ذي الفائدة باعتبار كونها مصدرا ؛ لأن معرفة المشتق منه تغني عن تعريف المشتق الذي إنما يعرف باعتبار المشتق منه فقال الاستعارة (ب) اعتبار أنها مصدر هي (أن تذكر أحد طرفي التشبيه) أي : أن تذكر اسم أحد الطرفين (وتريد به) أي : باسم ذلك الطرف المذكور الطرف (الآخر) أي المعنى الذي هو الطرف الآخر المتروك اسمه وإنما قدرنا الاسم في الطرف المذكور ، وفسرنا الآخر بالمعنى ؛ لأن المذكور هو اللفظ والذي يراد باللفظ هو المعنى (مدعيا) أي : تذكر اسم الطرف مرادا به الآخر حال كونك تدعي بقرينة حالك ؛ حيث سميت المشبه باسم المشبه به أو العكس.
(دخول) أي تدعى دخول ذلك (المشبه في جنس) ذلك (المشبه به) وبتلك الدعوة الحالية صح إطلاق الثاني على الأول وصح إطلاق اسم الأول على الثاني لاشتراكهما
__________________
(١) عين القوم الذي يربأ لهم فوق مربأ من الأرض ، وهو الذي ينظر للقوم لئلا يدهمهم عدو ، ولا يكون إلا على جبل أو شرف ينظر منه.