(٥٨٢) ومنه ضرب آخر ؛ وهو نحو : (وَما تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآياتِ رَبِّنا لَمَّا جاءَتْنا)(١) والاستدراك فى هذا الباب كالاستثناء ؛ كما فى قوله (٢) [من الطويل] :
هو البدر إلّا أنّه البحر زاخرا |
سوى أنّه الضّرغام لكنّه الوبل |
تأكيد الذم بما يشبه المدح
(٥٨٤) ومنه : تأكيد الذم بما يشبه المدح ، وهو ضربان :
أحدهما : أن يستثنى من صفة مدح منفية عن الشيء صفة ذمّ له ، بتقدير دخولها فيها ؛ كقولك : فلان لا خير فيه إلا أنه يسيء إلى من أحسن إليه.
وثانيهما : أن يثبت لشيء صفة ذمّ ، ويعقّب بأداة استثناء تليها صفة ذمّ أخرى له ؛ كقوله : فلان فاسق إلا أنه جاهل.
وتحقيقهما على قياس ما مرّ.
الاستتباع
(٥٨٥) ومنه : الاستتباع ؛ وهو المدح بشيء على وجه يستتبع المدح بشيء آخر ؛ كقوله [من الطويل] :
نهبت من الأعمار ما لو حويته |
لهنّئت الدّنيا بأنّك خالد (٣) |
مدحه بالنهاية فى الشجاعة على وجه استتبع مدحه بكونه سببا لصلاح الدنيا ونظامها ، وفيه أنه نهب الأعمار دون الأموال ، وأنه لم يكن ظالما فى قتلهم.
__________________
(١) الأعراف : ١٢٦.
(٢) البيت لبديع الزمان الهمذانى يمدح خلف بن أحمد الصفار ، أمير سجستان وكرمان ، وأورده الرازي فى نهاية الإيجاز ص ٢٩٣.
(٣) البيت للمتنبى من قصيدة يمدح فيها سيف الدولة ، ديوانه ١ / ٢٧٧ ، والإشارات ص ٢٨٤.