فالأول وهو التغير الذي يكون بنقص فتسمى الكلمة بسببه مجازا (كقوله) تعالى (وَجاءَ رَبُّكَ) وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا)(١) وقوله تعالى حكاية عن أولاد يعقوب (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) الَّتِي كُنَّا فِيها وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها)(٢) (و) الثاني وهو التغيير الذي يكون بزيادة فتسمى الكلمة بسببه مجازا (كقوله) تعالى (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)(٣) فقوله تعالى (وَجاءَ رَبُّكَ) على إسقاط المضاف (أي جاء أمر ربك) وإنما لم يجعل على ظاهره للقطع باستحالة المجيء على الله تعالى إذ هو الانتقال من حيز إلى آخر بالرجل ، وهو مخصوص بالجسم الحي الذي له الرجل ومطلق الجوهرية مستحيلة على الله تعالى فضلا عن الجسمية المخصوصة فإذا لم يحمل على الظاهر لاستحالته وجب حمله على وجه يصح ، فقدر المضاف ـ وهو الأمر ـ ليصح هذا الكلام الصادق والأمر ولو كان المجيء عليه محالا أيضا إذ هو الحكم المتضمن للكتاب أو المحكي عن الأمر يصح إسناد المجيء إليه مجازا ليكون كناية عن البلوغ فيقال على وجه الكثرة جاء أمر الملك إلينا أي بلغ وإن كان الجائي في الحقيقة حامله وهذا الإسناد كثير ، حتى قيل : إنه حقيقة عرفية بخلاف إسناد المجيء إليه تعالى لا يصح حقيقة ولا مجازا لاستحالة البلوغ فوجب أن يكون الكلام بتقدير المضاف ؛ ليصح ولو بالتجوز في المقدر أيضا كذا قيل ، وورد عليه أن امتناع وجه من التجوز وهو أن يكون الإسناد المذكور كناية عن البلوغ لا يقتضي امتناع تجوز آخر ، فلا يتعين الإضمار إذ يمكن أن يقال أسند المجيء إليه تعالى لكونه تعالى آمرا به وبالإبلاغ فهو كالإسناد إلى السبب الآمر فيكون من الإسناد العقلي ، وعليه فيخرج الكلام عما نحن بصدده ، وأما قوله تعالى (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) فهو على إسقاط المضاف أيضا ، أي : واسئل أهل القرية ، وإنما حمل على تقدير المضاف للقطع بأن المراد في الآية سؤال أهل القرية
__________________
(١) الفجر : ٢٢.
(٢) يوسف : ٨٢.
(٣) الشورى : ١١.