لا سؤالها نفسها وإن كان يمكن الحمل عليها عند قيام القرينة على إرادته ، كما إذا قال الإنسان لصاحبه : اعتبر بهذه القرية الخالية واسألها عن أهلها أين ذهبوا وكيف كانوا فيها ثم اضمحلوا ، فإن المقصود هنا بسؤالها مخاطبتها للاعتبار كمخاطبة الأطلال للتحسر والتحزن تنزيلا لها منزلة المجيب في الدلالة على المراد إذ يشعر حالها بالجواب وهو هنا أنهم كانوا فيها ففنوا ، وكما لو قيل من جانب من له العناية من أولياء الله تعالى اسأل هذا المكان أو هذه القرية لنجيبك عند قصد إظهار خرق العادة بإنطاقها إذ هو أمر ممكن فلا يمتنع حمل السؤال حينئذ على حقيقته ونحو هذين التقديرين ممتنع في الآية ، فوجب الحمل على ما يصح ومنه تقدير المضاف وهو الأقرب ويحتمل أن تكون القرية مجازا عن أهلها من باب إطلاق اسم المحل على الحال ؛ فيخرج المثال عما نحن بصدده من أن التجوز بتغير حكم الإعراب بالتقدير ، وعلى هذا يكون معنى قولنا أصل هذا الكلام واسأل أهل القرية معناه أن هذا أصله قبل التجوز بإطلاق اسم المحل على الحال ، وأما قوله تعالى (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) الممثل به للتغير بالزيادة فالأصل فيه ليس مثله شيء للقطع بأن المراد نفي المماثل له تعالى لا نفي من يكون كمثله إذ لا مثل له تعالى حتى ينفي عن ذلك المثل من يكون مثله فالحكم الأصلي الكائن للفظ مثله هو النصب على أنه خبر ليس ، ولما زيدت الكاف انتقل إلى حكم الجر لأنها إما حرف جر أو اسم بمعنى مثل مضاف لما بعده وكلاهما يقتضي الجر ، وإنما صح كونه خبرا لليس مع كون اسمها نكرة وكونه مضافا للضمير ؛ لأن إضافة مثل وغير لشدة إبهامهما لا تعرف فصح كونه خبرا عن النكرة التي هي لفظ شيء فلا يرد أن الإخبار بالمعرفة عن النكرة ممتنع فعلى ما ذكر يكون لفظ ربك هو المسمى بالمجاز لتغير حكم إعرابه بنقص المضاف الذي هو أمر ، ولفظ القرية هو المسمى بالمجاز كذلك للتغير بالنقصان أيضا ، ولفظ المثل هو المسمى بالمجاز كذلك للزيادة المذكورة وليس المسمى بالمجاز إعراب هذه الكلمات بل المسمى هو تلك الكلمات إما لمشابهتها بالمجاز المعرف فيما تقدم في نقل كل من إعراب هو أصل إلى غيره ، واستعماله فيه كنقل المجاز من معنى إلى آخر وإما للاشتراك