مانعة من إرادة الأصلي على وجه التساوي ، فيكون الداخل في المجاز هو ما يصحبه قرينة تمنع من التساوي في الإرادة بأن تصحبه قرينة ترجح أحد المعنيين ، فإذا صحبته قرينة التساوي ، أو قرينة لا مرجحة ولا مسوية ، فذلك هو الخارج عن تعريف المجاز.
ومن المعلوم أن الكناية ليس في تعريفها إلا صحة إرادة المعنيين ، وذلك صادق بذي القرينة المرجحة ، الذي هو المجاز على ذلك التعريف وبغيره ، فتكون الكناية أعم ، ويلزم على هذا التقدير أن لا يصح إخراجها ولا مباينتها ، وعموم الحد أنواع المجاز غير الكناية إلا بجعل أنواع المجاز غير الكناية لا بد فيها من قرينة مرجحة ، وجعل الكناية مختصة بالقرينة المسوية ، أو بالتي هي لا مرجحة ولا مسوية ، ومعلوم أن هذا من التحكم الذي لا دليل عليه.
وثانيها : أنه إن أريد بالترجيح الذي يكون في الكناية كون المعنى المجازي هو المقصود وإليه ينصرف التصديق والتكذيب والحقيقي واسطة ؛ فالمجاز كذلك ؛ إذ لا يمتنع أن يقصد الإشعار به لينتقل منه إلى المراد الذي نصبت القرينة عليه ، وإن أريد به كونه أهم ، ولكن يراد الحقيقي معه بحيث ينصب إليه التصديق والتكذيب ، فهذا مما لا يتحقق ، إذ ما ينتفي الصدق بانتفائه لا تتحقق أهمية غيره عليه ، وعلى هذا فما تقدم من أن الفرق بين ما يفهم منه باللازم ولا يكون كناية وما يفهم منه ويكون كناية ، أن الأصلي في الأول هو المقصود بالذات ، واللازم في الثاني هو المقصود ، ينبغي أن يحمل على معنى أن الذي ينصرف إليه التصديق والتكذيب هو الأصلي في الأول ، واللازم في الثاني لا أنهما ينصرف التصديق والتكذيب إلى الملزوم واللازم فيهما معا إلا أن أحدهما أهم ، تأمل.
وثالثها : أن ذلك على تقدير تسليمه لا يدل عليه اللفظ في تعريف المجاز ، ولا في تعريف الكناية ، بل يحتاج إلى وحي يسفر عنه فبطل الجواب به ، فافهم.
وههنا بحث لا بد من التنبه له وهو أن المراد بجواز إرادة المعنى الحقيقي في الكناية هو أن الكناية من حيث إنها كناية أي : من حيث إنها لفظ أريد به لازم معناه بلا قرينة مانعة من إرادة المعنى الحقيقي ، لا تنافي ذلك ، بمعنى أنها من حيث اقتضاء