المنتقل إليه بأن يكون مساويا أو أخص ، إما بنفسه كالناطق للإنسان فإنه ولو كان يتبادر منه أنه لازم للإنسان هو ملزوم له لمساواته له ، فيلزم من وجوده وجود الإنسان ، أو بواسطة قرينة كقولنا كناية عن المؤذن : رأيت إنسانا يلازم المنار ؛ فإن الإنسان الملازم للمنار فيما يتبادر ملازم للمؤذن ، ويصح أن يكون أعم منه ؛ لصحة ملازمة المنار لا للأذان لكن قرينة العرف دالة على أنه المؤذن ؛ لأن ذلك هو الغالب المتبادر فيشكل على أنه المفهوم عرفا ، فهذا لازم أعم صار ملزوما بالقرينة ، وقد يمثل للازم بالقرينة بنحو قولك : رأيت أسدا في الحمام ؛ لأن الأسد باعتبار القرينة التي هي كونه في الحمام مساو للرجل الشجاع أو أخص منه ، وفي هذا التمثيل مخالفة لما تقرر في نحو هذه الاستعارة من أن الملزوم هو الأسد والرجل الشجاع لازمه باعتبار القرينة لا العكس ، وهو أن الرجل الشجاع يستلزم الأسدية العامة حتى تخصص بالقرينة ، وإنما يعتبر ذلك عند روم التشبيه ؛ لأنه يخطر الرجل الشجاع فينتقل منه إلى الأسدية فيشبه بها ، وأما بعد التجوز فالأمر بالعكس لكن البحث في المثال خطبه سهل.
(وحينئذ) أي إذا تقرر اللازم ما دام لم يكن ملزوما (يكون الانتقال من الملزوم) إلى اللازم لا من اللازم إلى الملزوم ؛ إذ الغرض أن الانتقال لا يحصل حتى يكون المنتقل منه ملزوما ، فينتقل منه من حيث إنه ملزوم لا من حيث إنه لازم والمجاز كذلك ؛ لأن الانتقال فيه من الملزوم إلى اللازم ، فلا يقع الفرق بينهما بما ذكر من أن الانتقال في الكناية من اللازم إلى الملزوم ، وفي المجاز من الملزوم إلى اللازم إذ الفرض أن اللازم لا ينتقل منه إلا إذا كان ملزوما ، فاتحد المجاز والكناية في المنتقل عنه وإليه ، وهذا الرد يتأكد على السكاكي ؛ لاعترافه بأن اللازم ما لم يكن ملزوما يمتنع الانتقال منه ، وقد أجيب عن هذا بأن مراده بالانتقال من اللازم في الكناية مع تصريحه بأنه لا بد أن يكون من الطرفين بحيث يستلزم كل منهما الآخر وأن ذلك من خواصها وشرط لها دون المجاز فإنه يصح حيث يكون اللزوم من الطرفين ، وحيث يكون من أحدهما فينتقل من الملزوم منهما إلى اللازم ، وليس مراده أن الكناية ينتقل فيها من اللازم من حيث إنه لازم إلى الملزوم ؛ لأنه لا يصح لإمكان عمومه كما ذكرنا فلا يريده لمناقضته لما ذكر ،