فإن قيل : ههنا قسم رابع لم تطلب به الصفة فقط ولا النسبة فقط ، بل طلب به الصفة والنسبة معا وذلك كقولنا كثرة الرماد في ساحة زيد كناية عن المضيافية وإثباتها أما الإثبات فلأنا لم نثبت كثرة الرماد لزيد ، وإلا لما أضيف إليه كما في : طويل نجاده حتى تكون النسبة معلومة ، وإنما أثبتناها في ساحته ؛ لينتقل من ذلك إلى ثبوتها له ، وأما المضيافية فلأنا لم نصرح بها حتى يكون المطلوب نفس النسبة ، بل كنينا عنها بكثرة الرماد ، قلنا : ليست هذه كناية واحدة بل هي كنايتان : إحداهما طلب بها النسبة ، وهي إثبات الكثرة في الساحة ، والأخرى طلب بها نفس المضيافية وهي التصريح بكثرة الرماد ؛ لينتقل منها إلى المضيافية لاستلزامها إياه على ما تقدم.
وإن شئت أن تسمي المجموع قسما آخر فلا حجر في الاصطلاح ، ولو فتحنا ذلك الباب حدثت لنا خامسة وهي التي يطلب بها الصفة والنسبة وغيرهما ، وهو الموصوف كقولنا كثر الرماد في ساحة العالم حيث يدل الدليل على أن المراد بالعالم زيد فتكون كثرة الرماد كناية عن الصفة وهي المضيافية لاستلزامها إياها ، وإثباتها في الساحة كناية عن نسبتها للموصوف ، وذكر العالم كناية عن الموصوف على ما تقدم تحريره في الكناية بالصفة عن الموصوف ، فافهم.
الكناية العرضية
(والموصوف في هذين القسمين) يعني القسم الثاني من أقسام الكناية وهو المطلوب به صفة ، وقد تقدم تحقيقه والقسم الثالث وهو المطلوب به نسبة وقد تقدم بيانه أيضا وقد علم أن الموصوف في أول هذين القسمين هو الموصوف بالصفة المطلوبة والموصوف في ثانيهما هو الموصوف بالنسبة المطلوبة (قد يكون) ذلك الموصوف فيهما (غير مذكور) لا لفظا ولا تقديرا لأن المقدر في التركيب حيث يقتضيه كالمذكور ، وإنما قال : الموصوف في هذين ؛ لأن الموصوف في القسم الأول من أقسام الكناية هو نفس المطلوب بالكناية فلا يتصور إلا كونه غير مذكور بخلاف هذين فقد يذكر وقد لا ، فمثال ذكره في القسم الأول من هذين وهو المطلوب صفة قولهم كما تقدم زيد طويل