اللفظ في هذا اللازم كناية ، فإن لم يكن ثم شخص معين آذى ، كان اللفظ كناية ، وإلا جاز أن يعرض بهذا الشخص المعين أنه غير مسلم بالمعنى اللازم الذي استعمل فيه اللفظ ، وهو أن مطلق المؤذي غير مسلم ، وإذا فهمت ما ذكر ظهر وجه قوله.
والمناسب للعرضية التعريض ؛ لأن العرضية خلاف التعريض ، لكن المناسب أن تسمى به ، وإلا كان ذكر المناسبة ضائعا فهم (و) المناسب (لغيرها) أي : لغير العرضية أن تسمى بتسمية أخرى غير التعريض من التسامي السابقة (فإن كثرت الوسائط) بين اللازم الذي استعمل لفظه وبين الملزوم الذي أطلق اللفظ عليه كناية ، فالمناسب أن تسمى به تلك الكناية (التلويح) وذلك كما في كثرة الرماد المستعملة في المضيافية فإن بينهما وسائط ، وهي كثرة الإحراق ، وكثرة الطبائخ ، وكثرة الأكلة ، وكثرة الأضياف ، وكما في مهزولية الفصيل المستعملة في المضيافية أيضا فإن بينهما عدم اللبن ، وموت الأم ، وإطعامها لحمها ، وكثرة طاعميه ، وكثرة الأضياف ، وكما في جبن الكلب المستعمل في المضيافية أيضا فإن بينهما عدم جراءة الكلب ، وأنس الكلب بالناس ، وكثرة مخالطة الواردين ، وكثرة الأضياف ، وإنما سميت الكناية الكثيرة الوسائط كما ذكر تلويحا ؛ لأن التلويح في الأصل هو أن يشار إلى الشيء من بعد ؛ وكثرة الوسائط بعيدة الإدراك غالبا (وإن قلت الوسائط) فأحرى إذا انعدمت (مع خفاء) في اللزوم بين المستعمل فيه والأصل فالمناسب أن تسمي به تلك الكناية (الرمز).
فأما الأول وهو ما قلت فيه الوسائط ، فكعرض الوساد كناية عن البله ؛ إذ ليس بينه وبين البله إلا عرض القفا.
وأما الثاني : وهو ما انعدمت فيه أصلا ، فكعرض القفا في البله إذ ليس بينهما واسطة عرفا ، وإنما سميت هذه رمزا ؛ لأن الرمز أن تشير إلى قريب منك مع خفاء الإشارة كالإشارة بالشفة أو الحاجب فإنه إنما يشار بهما غالبا عند قصد الإخفاء كما قال :