يفيد المعنى في الخارج ؛ لاحتمال انتفائه ، ولذلك يحتمل الصدق والكذب ، وأما باعتبار الدلالة والإفهام فلا يحتمل إلا الصدق ؛ لأن المفهوم منه هو ما وضع له ، فمعنى كون المجاز أبلغ أنه يفيد تأكيد الإثبات ـ كما قررناه ـ لا أنه يفيد زيادة في المعنى في نفس الأمر كما لا يفيد أصل المعنى ـ كما تقدم في باب الخبر ـ لا يفيد زيادة فيه ، ولا ينافي ذلك أن يدل على أكثر مما تدل عليه الحقيقة ، فإن الاستعارة دلت على كمال الوجه ، والتشبيه دل على ضعفه فلا يرد الاعتراض على الشيخ ؛ لأن المعنى في نفسه ، ولو دلت الاستعارة على الكمال فيه لا يقتضي ذلك أنها أثرت فيه زيادة في نفس الأمر ، قال : وكثيرا ما يقع فيه الغلط للمصنف من استنباط المعاني من كلام الشيخ لاحتياجه إلى مزيد التأمل.
ورد بعض المحققين كلام الشارح بأن ما حمل عليه المصنف كلام الشيخ من تفسير الإفادة بالدلالة هو الذي ينبغي أن يصار إليه ؛ لأنه بما يتوهم أن المجاز دائما أقوى دلالة وأكثر مدلولا من الحقيقة ، فأورد الشيخ هذا البحث ليبين أن ذلك لا يطرد ومثل بما ينتقض فيه الاطراد وهو قوله هو والأسد سواء مع الاستعارة ، وكذلك الكناية والمرسل ووجه الأبلغية بالوجه العام لكل ما هو خلاف الحقيقة ، وهو تأكيد الإثبات ، وقوله : المعنى لا يتغير فى نفسه باختلاف الطرق معناه أن الطرق لا تدل فيه على أكثر مما كان ، ولما لم يصرح بالتخصيص ، وظهر من كلامه العموم ، وإن كان مجاز لا يدل على أكثر مما تدل عليه الحقيقة ، أورد عليه المصنف النقض بالاستعارة مع التشبيه ، ثم أجاب بأن مراده أن ذلك لا يطرد فى كل مجاز ، قال : وأما ما حمل عليه الشارح كلام الشيخ من أن المراد بإفادة الزيادة إفادتها في أصل المعنى خارجا ، أى : إنشاؤها فى المعنى الخارجى وإيجادها فيه ، فهو أمر واضح للعلم بأن اللفظ لا تأثير له فى المعنى إيجادا ولا زيادة ، كما أنه لا تأثير لغيره ، وإنما حظ اللفظ من المعنى الدلالة ، فحمل كلام الشيخ على ما قال الشارح نهاية الركاكة ، وارتكاب لما تنزه العقول عن التعرض للعلم به ، والألسنة عن التمشدق به ، ويدل على ذلك أنه مثل لما اتحدت فيه الدلالة ، فعاد حاصل