المحسنات المعنوية :
المطابقة
(أما المعنوي) من تلك المحسنات والمذكور في الكتاب منها تسعة وعشرون (فمنه المطابقة وتسمى الطباق والتضاد أيضا) أخذا من طابق الفرس إذا كان تقع رجله في موضع يديه في مشيه ؛ لأنه وقعت رجله ويده المتقابلتان في موطئ واحد كوقوع المختلفين المسمى بالمطابقة هنا في تركيب متحد أو كالمتحد في الاتصال ، وفسر المعنوي المسمى بالمطابقة بقوله (وهو) أي : المعنوي الذي هو المطابقة ، وذكر الضمير لرعاية أنها معنوي (الجمع) أي : هو أن تجمع (بين متضادين) في كلام واحد ، أو ما هو كالكلام الواحد في الاتصال ، ولما كان المراد بالتضاد هنا وجود مطلق التقابل والتنافي لا التضاد الذي هو أن يكون بين شيئين وجوديين غاية الاختلاف فسر المتضادين بقوله (أي معنيين متقابلين في الجملة) أي من غير تفصيل في ذلك التقابل والتنافي بأن يعين مقداره من كونه فيما بين معنيين كالنقيضين أو الضدين أو غير ذلك ، فالمراد بالتضاد والتقابل هنا أن يكون بين الشيئين تناف وتقابل ، ولو في بعض الصور ، ومن المعلوم أن المتقابلين في بعض الصور إنما يكون التنافي بينهما باعتبار ذلك البعض من الصور ، فلهذا نقول : لبيان عموم التقابل سواء كان التقابل حقيقيا كتقابل القدم والحدوث ، أو اعتباريا كتقابل الإحياء والإماتة فإنهما لا يتقابلان إلا باعتبار بعض الصور ، وهو أن يتعلق الإحياء بحياة جرم في وقت ، والإماتة بإماتته في ذلك الوقت ، وإلا فلا تقابل بينهما باعتبار أنفسهما ولا باعتبار المتعلق عند تعدد الوقت ، وسواء كان التقابل الحقيقي تقابل التضاد كتقابل الحركة والسكون على الجرم الموجود بناء على أنهما وجوديان ، أو تقابل الإيجاب والسلب كتقابل مطلق الوجود وسلبه ، أو العدم والملكة كتقابل العمى والبصر والقدرة والعجز بناء على أن العجز نفي القدرة عمن من شأنه الاتصاف بالقدرة ، أو تقابل التضايف كتقابل الأبوة والبنوة وقيل : إن الأبوة والبنوة من باب مراعاة النظير ، ورد بأن مراعاة النظير فيما لا تنافي فيه كالشمس والقمر بخلاف ما فيه التنافي كالأبوة والبنوة ، أو تقابل ما يشبه شيئا مما ذكر مما يشعر بالتنافي لاشتماله بوجه ما على ما يوجب التنافي كهاتا وتلك في قوله :