الإرصاد
(ومنه) أي : ومن البديع المعنوي (الإرصاد) أي : ما يسمى بالإرصاد والإرصاد في اللغة هو نصب الرقيب في الطريق ليدل عليه أو ليراقب من يأتي منها ، يقال رصدت ، أي : راقبت ، وأرصدته جعلته يرصد ، أي : يراقب الشيء (ويسميه) أي : ويسمي هذا الإرصاد (بعضهم التسهيم) والتسهيم جعل البرد ، أي : الثوب ذا خطوط كأنها فيها سهام ، وسيأتي قريبا وجه التسمية بكل من الاسمين.
(وهو) أي : والبديع المعنوي المسمى بالإرصاد والتسهيم (أن يجعل قبل العجز من الفقرة أو من البيت ما يدل عليه) أي : أن يجعل قبل العجز مما ذكر ما يفهم منه ذلك العجز فما يدل نائب فاعل يجعل ، ثم لما كان ليس من شرطه أن يجعل هنالك ما يفهم به العجز ولو توقف ذكر الفهم على معرفة الروى ، فأحرى إذا وجد هنالك ما يفهم به المقصود ولو لم يعرف الروى زاد قوله (إذا عرف الروى) أي : الشرط في كونه إرصادا هو أن يفهم مما جعل هنالك العجز ، ولو توقف الفهم على معرفة الروى والبيت معلوم ، والفقرة ما هو من النثر بمنزلة البيت من الشعر في كونه يلتزم في ختم ما بعده ما التزم فيه ، والروى هو الحرف الملتزم في ختم الأبيات ، أو الفقر وأصل الفقرة عظم الظهر ، ثم استعير لحلي يصاغ على هيئة عظم الظهر ، ثم استعير لكلام لو ضم إليه غيره التزم في المضموم الحرف الآخر الكائن في المضموم إليه ، ولذلك قلنا : إنها بمنزلة البيت من الشعر ، وتسمى كل قطعة مما التزم آخره ذلك الحرف فقرة ، فقول الحريري : هو يطبع الأسجاع بجواهر لفظه فقرة ، وقوله : ويقرع الأسماع بزواجر وعظه فقرة أخرى ، إذ كل منهما بمنزلة البيت فيما ذكر ، والسجع هو الكلام الملتزم فيه حرف آخره فهو قريب من الفقرة ، أو هو نفسها في المصدوق شبه بحلي يطبع بالجواهر فأضمر التشبيه في النفس استعارة بالكناية وأضاف إليه الطبع الذي هو من لوازم المشبه به ، وقرع الأسماع بزواجر الوعظ أسماع الموعظة على وجه محرك للمقصود ، ومن أجل أن الشرط هو أن يجعل هنالك ما يفهم العجز ولو مع الحاجة إلى معرفة الروي ، كان من الإرصاد قوله