مع ما يلازمه يكفي في فهم الصيغة ، وإنما قلنا لا يتعين ؛ لأنه لو قيل في غير القرآن مثلا بعد الفقرة السابقة : ولكن كانوا أنفسهم ظالمين لكفى ولكان من المعلوم بالإرصاد ؛ لأن الياء والواو يتعارضان في القافية وما يناسبها من الفقرة ، ومثل للإرصاد في البيت فقال (و) ذلك (نحو قوله :
إذا لم تستطع شيئا فدعه |
وجاوزه إلى ما تستطيع (١) |
فإن قوله : إذا لم تستطع شيئا فدعه وجاوزه إلى ما : يدل على أن مادة القافية من معنى الاستطاعة المثبتة ؛ إذ لا يصح أن يقال : إذا لم تستطع شيئا فدعه وجاوزه إلى ما لا تستطيع أو جاوزه إلى كل ما تشتهي أو إلى فعل ما تعرض لك إرادته ولو كنت لا تستطيعه أو نحو ذلك ، والذوق شاهد صدق في ذلك ، والروى يدل على أن تلك المادة تختم بالعين قبلها ياء ، وليس ذلك إلا لفظ تستطيع فلا يصح ، وجاوزه إلى ما تطيق لعدم وجود الروى فيه ، وتعين خصوص الصيغة هنا من كل وجه لعدم وجدان غيرها وعدم صلاحية سواها في المحل ، ولا إشكال في ذلك.
المشاكلة
(ومنه) أي : ومن البديع المعنوي (المشاكلة) أي النوع المسمى بالمشاكلة (وهو) أي : وذلك النوع من البديع المعنوي المسمى بالمشاكلة هو (ذكر الشيء بلفظ غيره) أي : ذكر المعنى ملتبسا في ذلك الذكر بالإتيان بلفظ غير ذلك المعنى ، فالباء في" بلفظ" للملابسة ، ولا يخفى أن تعلق الذكر بالمعنى كما هنا صحيح من باب نسبة ما للدال للمدلول ، وخرج بقوله : بلفظ غيره الذكر المتعلق بالحقيقة ، ودخل فيه جميع أنواع المجاز ؛ لأن الذكر فيها واقع في معانيها في ألفاظ غيرها على ما تقدم من البحث في الاستعارة بالكناية.
__________________
(١) البيت فى الإيضاح ص (٢٩٧) وهو منسوب لعمرو بن معد يكرب.