أحد الطرفين ما من العاشق للمعشوق ، وفي الآخر ما من المعشوق للعاشق ، ولا يخفى ما فيه من التكلف لعدم تبادره ثم إن الضمير في أصاخت وفي لج بها قيل : إن الأولى تذكيره فيهما ليطابق البيت ما قبله وهو قوله :
كأن الثريا علقت بجبينه |
وفي نحره الشعرى وفي خده البدر |
بتذكير الضمائر.
العكس
(ومنه) أي ومن البديع المعنوي (العكس) أي : النوع المسمى بالعكس والتبديل (وهو) أي : النوع المسمى بالعكس هو (أن يقدم في الكلام جزء) على جزء آخر كان في ذلك الكلام مع ذلك المقدم (ثم يؤخر ذلك) الجزء المقدم على ذلك الجزء المؤخر أولا والعبارة المؤدية لمعناه على وجه الإيضاح قول بعضهم وهو أن تقدم في الكلام جزءا ثم تعكس فتقدم ما أخرت وتؤخر ما قدمت ، فإن هذه العبارة مصرحة بأن المقدم ثانيا هو الذي كان مؤخرا على ذلك المقدم عليه ، وهذا يقتضي تكرار الجزأين الواقع فيهما العكس بالتقديم والتأخير بخلاف عبارة المصنف ، فإنه لما لم يذكر أن المقدم عليه صير ثانيا مؤخرا عليه لم يقتض تكرار الجزأين على أن المقدم منهما قد أخر والمؤخر قدم ، فصدق كلامه على نحو عادات السادات هي أشرف العادات ؛ لأن الجزء في الكلام الذي هو العادات قدم أولا على السادات ، ثم أخر ثانيا عنه من غير إعادة لفظ السادات ، وهذا الكلام ليس من العكس في شيء ، وكذا نحو قوله تعالى (وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ)(١) فتخشى جزء قد تم ثم أخر ، وليس من العكس بل هو من رد العجز على الصدر ، وهو من البديع اللفظي ، كما يأتي بخلاف قول هذا ، ثم تعكس فتقدم ما أخرت وتؤخر ما قدمت ، فإنه يقتضي أنك استأنفت للمؤخر أولا تقديما فيقتضي تكراره ، وهذا هو المتبادر ، وإن كان يمكن أن يقال : عادات السادات أشرف العادات قدمنا فيه ما أخرنا أولا ، بمعنى : أنا لما أخرنا لفظ العادات صار المؤخر
__________________
(١) الأحزاب : ٣٧.