الخارج من البيضة ، أو الإنسان الخارج من المني ، وتعلق في الثانية بالميت الخارج من الحي مثل البيضة الخارجة من الدجاجة ، وقد تقدم في أحد المتعلقين ما تأخر في الآخر ، والعكس إذ قدم الحي على الميت في المتعلق الأول ، وقدم ثانيا الميت على الحي في المتعلق الثاني ، وقوله : متعلقي فعلين الصواب أن يقول : متعلقي عاملين ؛ ليدخل في ذلك نحو قوله تعالى : (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِ) إذ مخرج عامل غير فعل.
(ومنها) أي : ومن الوجوه التي يقع عليها العكس الذي هو من البديع المعنوي (أن يقع) ذلك العكس (بين لفظين) موجودين (في طرفي جملتين) أي أحد اللفظين موجود في الطرف الأول من الجملة الأولى والثاني منهما موجود في الطرف الآخر منها ، ثم يقع عكس ذلك في الجملة الثانية فيوجد فيها أحد اللفظين في الطرف الذي لم يوجد فيه في الأول ، ويوجد اللفظ الآخر في غير ذلك الطرف وذلك (نحو) قوله تعالى (لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَ) (١) فهاتان جملتان في كل منهما لفظان هما الضميران أحدهما ضمير جمع الذكور وهو هم ، والآخر ضمير الإناث وهو هن ، وقد وجد ما للإناث منهما في الطرف الأول الذي هو المسند إليه من الجملة الأولى ، ووجد ما للذكور في الطرف الثاني الذي هو المسند من تلك الجملة وعكس ذلك في الجملة الثانية ، فوجد ما للذكور في الطرف الأول منها وما للإناث في الطرف الثاني منها كما رأيت ، فصدق أن العكس وقع بين لفظين كائنين في طرفي جملتين وذلك ظاهر. فإن قيل : مفهوم العبارة أن العكس يقع على أوجه وتلك الأوجه فسرها بوقوع العكس لقوله منها : أن يقع وهل هو إلا من باب وقوع الشيء في نفسه وهو فاسد قلت لا بل وقوع العكس أعم ، فوقوع مطلق العكس في وقوع مخصوص صحيح من باب وقوع الأعم في الأخص ، وقد تقدم غير مرة فافهم.
__________________
(١) الممتحنة : ١٠.