ينافي كونها خليقة للزوم الخليقة ؛ لأنا نقول : قد تسمى خليقة باعتبار دوامها بعد حدوثها فتكون خليقة دواما ، وبدعة ابتداء ، وهذه هي التي ذمها باعتبار اللازمة قديما ودواما ، فقد ظهر أنه قسم ما وصف به الممدوحين إلى كونه ضر الأعداء ، وكونه نفع الأحباء ، ثم جمعه في كونه سجية غير محدثة ، قيل : الفرق بين التقسيم السابق والجمع مع التقسيم أن التقسيم يذكر فيه المقسم أولا مفصلا والجمع مع التقسيم يذكر فيه المقسم مجملا ، كما في قوله : تشقى به الروم إلخ ، قيل : ويلزم عليه أن نحو قولنا الكلمة : إما اسم أو فعل أو حرف ليس من التقسيم ، لعدم ذكر المقسم مفصلا ، يعني : وليس أيضا من الجمع مع التقسيم ، لعدم جمع المقسم تحت حكم ، والمشهور أنه من التقسيم ولا يخفى ضعف هذا البحث ؛ لأنا نلتزم أنه ليس من التقسيم المذكور ، بل هو من أحد التقسيمين الآتيين فتأمله.
الجمع مع التفريق والتقسيم
(ومنه) أي : ومن البديع المعنوي (الجمع مع التفريق والتقسيم) وهذه التسمية تقتضي أن هذا النوع فيه معان ثلاثة ، وقد تقدم كل واحد منها فيوجد الجمع فيه ، وهو كما تقدم أن يجمع بين متعدد في حكم ، ويوجد فيه التفريق ، وهو كما تقدم أيضا أن يدخل شيئان في معنى ويفرق بين جهتي الإدخال ، ويوجد فيه التقسيم ، وهو أن يذكر متعدد ثم يضاف ما لكل إليه على التعيين ، ولما كان معنى هذه الأشياء المجموعة في هذا النوع ظاهرا مما سبق لم يتعرض لتفسيره ، لظهور أجزائه مما تقدم ، وإنما تعرض لمثاله فقال وذلك (كقوله تعالى : (يَوْمَ يَأْتِ) (١) أي : أذكر يوم يأتي الله أي : يوم يأتي أمره ، وقد تقدم ما في إسناد الإتيان إلى الأمر ، فالضمير في يأتي عائد إلى الله تعالى على تقدير مضاف ، ويحتمل أن يعود إلى اليوم ، وإتيان اليوم عبارة عن حضوره ؛ للزوم الحضور
__________________
(١) هود : ١٠٥.