بعده ، فإن المتبادر أن العلة هي تحقيق اختصاص سليمان على نبينا وعليه الصلاة والسّلام بما ذكر ولكن هذا الاختصاص لا ينتفي ، ولو لم يطلق العفريت لأنه ملك جميع الشياطين وسخروا له فلا يلزم من تسخير واحد وغلبته في وقت تسخير الكل والمناسب هو دفع توهم عدم الاختصاص ، ولا شك أن هذه العلة إن صحت كانت مطابقة وفيها دقة فلذلك زاد غير حقيقي وبعض الناس توهم أن قوله باعتبار يقتضي كون الوصف المدعى اعتباريا أي لا وجود له خارجا كوجود الأمور المتقررة في نفسها مثل البياض والسواد لما سمع أهل المعقول يقولون إن الاعتبار يقابل الحقيقي أي الموجود خارجا توهم أن قوله غير حقيقي مستغنى عنه بذكر الاعتبار وفيه نظر ؛ لأنه إن أراد بغير الحقيقي ما ليس وجوديا ولو طابق الواقع كما هو ظاهر كلامه لزم عدم مطابقته لما أصلوه من كون حسن التعليل ما لم يطابق ما في نفس الأمر وإن أراد به ما لم يطابق الواقع فكون الاعتبار المستفاد من قوله باعتبار لطيف مغنيا عما بعده إنما يصح إن كان يرى أن كل وصف اعتباري لا يطابق ما في نفس الأمر وهو فاسد ؛ إذ لو قيل إنما احتاج الحادث لسبب لإمكانه كان تعليلا بالوصف الاعتباري ، وهو مطابق ولذلك ألزم على تقدير الاستغناء به عن قوله غير حقيقي أن يكون الاعتباري غير مطابق وهو فاسد ، وإن كان يرى أن الوصف الاعتباري قد يكون غير حقيقي أي : غير مطابق وقد يكون حقيقيا أي مطابقا فظاهر أنه لا يستغنى بالاعتبار عن قوله : غير حقيقي على أن التحقيق كما تقدم أن الاعتبار اللطيف هو نظر العقل نظرا دقيقا لا كون الوصف اعتباريا فقد ظهر أن ما قاله ذلك القائل غلط نشأ عما يقال من أن الوصف الاعتباري يقابله الحقيقي وعن اعتقاده أن التعليل المصاحب للاعتبار يستلزم كون الوصف اعتباريا أي : لا وجود له خارجا فافهم.
أضرب حسن التعليل
(وهو) أي : حسن التعليل (أربعة أضرب) أي ينقسم باعتبار ثبوت المعلل وعدم ثبوته ، ولكن أريد إثباته ممكنا أو غير ممكن وباعتبار العدول عن علة ظهرت أولا إلى أربعة أنواع (لأن الصفة) أي إنما انقسم إلى الأربعة من جهة أن الصفة التي ادعى لها