لكنه الوبل استدراك يفيد من التأكيد ما يفيده الاستثناء في الضرب الثاني وقد بينا وجه إفادة الاستدراك لتأكيد المدح بما يشبه الذم ، وإنه يكون بالوجه الذي يفيده به الضرب الثاني من الاستثناء ، ويعلم مما تقدم في الاستثناء في الضرب الثاني وجه كونه لا يفيد إلا بأحد الوجهين ، وهو إشعاره بأنه طلب استدراك ذم فلم يجده فاضطر إلى استدراك مدح وأنه لا يفيد بالأخرى الذي هو وجود تعليق يكون كإثبات الشيء بحجة ، لتوقفه على تقدير الاتصال ، وهو ممنوع في الضرب الثاني لكونه محمولا على الاستدراك فضلا عما هو نص في الاستدراك وذلك ظاهر.
تأكيد الذم بما يشبه المدح
(ومنه) أي ومن البديع المعنوي (تأكيد الذم بما يشبه المدح) أي : النوع المسمى بذلك (وهو ضربان) كما تقدم في تأكيد المدح بما يشبه الذم.
(أحدهما) مثل الأول في تأكيد المدح بما يشبه الذم فهو (أن يستثنى من صفة مدح منفية عن الشيء صفة ذم) ثابتة (له) أي لذلك الشيء (بتقدير) أي : بواسطة تقدير أو على تقدير (دخولها) أي دخول صفة الذم (فيها) أي في صفة المدح ، ومعلوم أن نفي صفة المدح ذم ، فإذا أثبت صفة ذم بعد هذا النفي الذي هو ذم جاء التأكيد كما تقدم في تأكيد المدح وذلك (كقولك فلان لا خير فيه إلا أنه يسيء إلى من أحسن إليه) فقد نفيت صفة مدح وهي الخيرية ، ثم استثنيت بعد هذا النفي الذي هو ذم صفة هي كونه يسيء لمن أحسن إليه فيجري فيه ما تقدم في الضرب الأول في تأكيد المدح ؛ لأنه لما كان فيه تقدير الاتصال لوجود العموم على أن يكون المعنى : لا خير فيه إلا الإساءة للمحسن إن كانت خيرا كان فيه تعليق بالمحال فيكون كإثبات الذم بالبينة ، وكان فيه أيضا من كون الأصل في الاستثناء الاتصال الإشعار بأنه طلب الأصل وهو استثناء المدح ليقع الاتصال فلما لم يجده استثنى ذما فجاء فيه ذم على ذم بوجه أبلغ.
(وثانيهما) أي وثاني الضربين هنا كالثاني في تأكيد المدح فهو (أن يثبت للشيء صفة ذم وتعقب) تلك الصفة (بأداة استثناء تليها) أي : تلي تلك الأداة (صفة ذم أخرى كقولك : فلان فاسق إلا أنه جاهل) والاتصال الذي يكون معه التعليق بالمحال لا