يضمن على صيغة المبني للمفعول ، والنائب هو كلام ، وقوله سيق لمعنى نعت لكلام.
وقوله : معنى آخر المفعول الثاني ليضمن فهو منصوب به بعد أن رفع به المفعول الأول بالنيابة ، وشمل قوله معنى آخر ما يكون مدحا وما يكون غيره ، (فهو) لأجل شمول المعنى المضمن المدح وغيره (أعم من الاستتباع) ؛ لأن المعنى المستتبع أي : المضمن للكلام المساق للمعنى المقصود أولا يشترط فيه أن يكون مدحا ، فاختص الاستتباع بالمدح ، وشمل الإدماج المدح وغيره فكان الإدماج أعم من الاستتباع ، وقيل : إن الاستتباع هو أن يذكر معنى على وجه يستتبع معنى آخر ، فيكون معناه ومعنى الإدماج واحد ، فيستغنى بأحدهما عن الآخر.
ثم مثل للإدماج بالمثال الذي يختص به عن الاستتباع فقال (كقوله) أي كقول المتنبي (أقلب فيه) (١) أي في ذلك الليل (أجفاني) ، ودل التعبير بالمضارع على تكرر تقليب الأجفان ليلا وهو دليل على السهر ، وأشار بقوله (كأني أعد بها على الدهر الذنوبا) إلى أن هذا التكرار في غاية الكثرة للعلم بكثرة الذنوب التي يعدها على الدهر.
والمقصود من الكلام وصف الليل بالطول مع السهر ؛ لأن معه يظهر الطول ، وأكد ذلك الطول وبينه بأن كثرت فيه تقليب الأجفان كثرة أوجبت له كونه في منزلة نفسه إذا كان يعد الذنوب على الدهر فكأن هنا يحتمل أن يراد بها الشك أى : أوجبت كثرة التقلب لي الشك في أني أعد الذنوب ويحتمل التشبيه أي أشبه نفسي في التقليب بنفسي في عد الذنوب وقد تقدم نظير ذلك والمقصود : ذنوب الدهر عليه لا ذنوبه في الدهر إذ لا معنى لعدها على الدهر ثم بين وجه الإدماج كما هو ظاهر بقوله (فإنه) أي : إنما قلنا : إن في البيت إدماجا ؛ لأن الشاعر (ضمن وصف الليل بالطول) وهو المعنى المسوق له الكلام أولا (الشكاية) أي : ضمن المعنى المذكور الشكاية (من الدهر) لكثرة ما أصابه به من عدم استقامة الحال وتلك الشكاية بها حصل الإدماج ؛ إذ هي المعنى
__________________
(١) البيت للمتنبى ، فى ديوانه (١ / ١٤٠) ، وشرح التبيان (١ / ١٠٢) ، والإشارات ص (٢٨٥).