التجاهل حكمه حكم الجهل وإلا فلو بنى على العلم الحقيقي ما تحققت نكتة بل يصير الكلام مما لا يلتفت إليه ثم ما مثل به المصنف أنموذج أي أمثلة يسيرة وطرف قليل من نكت تجاهل العارف وفي القاموس نموذج بفتح النون مثال الشيء والأنموذج بالهمزة تصحيف يعني ومع كونه تصحيفا جرى على الألسن ، وإنما قلنا إنها أنموذج من نكت التجاهل لأنها أكثر من أن تنضبط بالقلم فمنها التعريض كما في قوله تعالى : (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) تعريضا بأنهم على الضلال. ومنها التحقير كقوله : لمعروف ما هذا؟! إشارة إلى أنه أحقر من أن يعرف. ومنها غير ذلك من الاعتبارات البلاغية المستفادة من تتبع تراكيب الشعراء أو غيرهم.
القول بالموجب
(ومنه) أي ومن البديع المعنوي (القول بالموجب) أي النوع المسمى بالقول بالموجب (وهو) أي : القول بالموجب (ضربان : أحدهما أن تقع صفة في كلام الغير) حال كون تلك الصفة الواقعة في كلام الغير (كناية عن شيء) أي : دالة على شيء من وصف ذلك الشيء المذكور أنه (أثبت له حكم) تقتضيه فيه تلك الصفة وتناسبه (فتثبتها) أي فتثبت أنت في كلامك تلك الصفة (لغيره) أي : لغير ذلك الشيء الذي جعلها غيرك دالا عليه للإيماء إلى أن ذلك الحكم مسلم لزومه لتلك الصفة ، ولكن لا يفيدك أيها المخاطب ؛ لأن الصفة المستلزمة له إنما هي لغير من عبرت بها عنه ، فقد قيل بموجب تلك الصفة وهو استلزامها للحكم ، لكن هو لغير من عبر بها عنه ويشترط في كونه قولا بالموجب أن ثبتت الصفة لغير المقصود أولا (من غير تعرض) أي أن تثبتها بلا تعرض (لثبوته له) أي لثبوت ذلك الحكم لهذا الغير الذي أثبتها أنت (أو نفيه عنه) أي : ومن غير تعرض لنفي الحكم لذلك الشيء بل تثبت الصفة ولا تتعرض للحكم بوجه ، فلو تعرضت للحكم إثباتا أو نفيا خرج الكلام عن القول بالموجب فإذا قال القائل : ليخرجن القوي من هذا البيت الضعيف معبرا بصفة القوة عن نفسه مثبتا لمدلولها حكم الإخراج فإن أثبت الصفة للغير ولم تتعرض للحكم وقلت : القوي أنا كان الكلام من القول بالموجب ، وإن قلت يخرجك القوي الذي هو أنا لم يكن من