حركة الباء ؛ لأنها في الأول ضمة وفي الثانية فتحة (ونحوه) أي : ونحو ما ذكر في أن الاختلاف في الهيئة فقط مع كونه واقعا في محل واحد كقولهم : (الجاهل إما مفرط أو مفرط) الأول من الإفراط ، وهو تجاوز الحد ، والثاني من التفريط وهو التقصير فيما لا ينبغي التقصير ، فيه وإنما نص على هذا لئلا يتوهم أنه من الناقص بناء على أن الحرف المشدد فيه حرفان ، فبين أنه من الاختلاف في الهيئة مع اتحاد موضع الاختلاف ؛ لأن الحرف المشدد في حكم الواحد من هذا الباب لوجهين : أحدهما : أن اللسان يرتفع عند النطق عن الحرفين دفعة واحدة كالحرف الواحد ، وإن كان في الحرفين ثقل ما إلا أنه لم يعتبر لقرب أمره ، والآخر : أنهما في الكتابة شيء واحد وأمارة التشديد منفصلة فجعلا كالحرف الواحد ، فلهذا جعل من التجنيس الذي لم يقع الاختلاف فيه إلا في الهيئة لا في العدد ، ولذلك قال : (والحرف المشدد) في هذا الباب أعني : باب التجنيس (في حكم المخفف) لما ذكرنا ، فمفرط ومفرط إنما اختلفا في سكون الفاء في الأول وفتحها في الثاني ، ولهذا كان من متحد محل التغير ؛ لأن الراء فيهما مكسورة ولو شددت في أحدهما ، والميم مضمومة فيهما فكان التجنيس بينهما مما اختلفت فيه الهيئة ومما كان فيه الاختلاف في حرف واحد.
(و) أما متعدد محل التغير كأن يكون الاختلاف في حرف من المتجانسين بسكونه وحركة مقابله وفي حرف آخر بحركته بغير حركة مقابله ف (كقولهم : البدعة شرك الشرك) فالأول وهو الشرك أي : الشبكة فتح فيه الشين وفتحت الراء والثاني : وهو الشرك أي : الكفر كسرت فيه الشين فخالفت حركته في الأخرى وسكنت فيه الراء فخالفت فتحها في مقابله ومعنى كون البدعة شركا للشرك أي اتخاذها دينا وعادة يؤدي إلى العقوبة بوقوع الشرك بمنزلة من اتخذ نصب الشرك للصيد عادة فإنه يؤدي إلى وقوعه فيه.
ثم أشار إلى القسم الثالث وهو الناقص بقوله (وإن اختلفا) أي : اللفظان المتجانسان وعطفه كعطف ما قبله وقد تقدم (في أعدادها) أي : أعداد الحروف والاختلاف في العدد يحصل بأن يكون في أحد اللفظين حرف زائد أو أكثر من حرف