وكذا نحو الحتف والفتح فإن في كل منهما مجموع ما في الآخر وليس من الملحق في شيء لعدم كون اللفظين فيما ذكر على الوجه المذكور ، وبعضهم أبقى المشابهة على ظاهرها وجعل ما التي فسر بها المشابهة في قوله : وهي ما يشبه مصدرية فصار التقدير وهي أشباه ، أي : مشابهة اللفظين الاشتقاق ولا يخفى ما فيه لفظا ومعنى ، أما لفظا فقد جعل الضمير في يشبه على هذا التقدير وهو مفرد عائدا على التثنية وهو اللفظان كما فسره بذلك ولا يصح إلا بتأويل بعيد وهو أن يقدر أن المعنى ما ذكر أي : مشابهة ما ذكر من اللفظين الاشتقاق ، وعند إمكان الحمل على الظاهر بلا تكلف لا يحمل على غيره وأما معنى فقد جعل اللفظين يشبهان الاشتقاق ومن المعلوم أن اللفظين لا يشبهان الاشتقاق بل كونهما متفقين في ذلك ككونهما مشتقين من أصل واحد وتصحيحه أيضا بتقدير المضاف أي : أن يشبه توافق اللفظين الاشتقاق تكلف لا حاجة إليه والوجه الذي قررناه ولو لزم فيه إطلاق المصدر على معنى اسم الفاعل أقرب ؛ لأن إطلاق المصدر على اسم الفاعل لقرينة كثير ، والقرينة هنا ، التفسير وبعضهم أيضا زعم أن المراد بما يشبه الاشتقاق هو الاشتقاق الكبير ؛ لأنه يشبه الاشتقاق المعلوم في وجود كل الحروف أو جلها في كل من اللفظين وهو أيضا فاسد ؛ لأنهم مثلوا لما يشبه الاشتقاق بما لا يصح أن يكون من الاشتقاق الكبير وهو قوله تعالى (اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ)(١) وإنما قلنا : إن ما مثلوا به ليس من الاشتقاق الكبير ؛ لأن الاشتقاق الكبير هو الاتفاق في الحروف الأصول دون الاتفاق في الترتيب مثل القمر والرمق والمرق فهذه الألفاظ الثلاثة بينها الاشتقاق الكبير ؛ لاتحادها في الحروف الأصول دون الترتيب كما لا يخفى وما مثلوا به وهو الأرض وأرضيتم لم تتفق فيهما الأصول ؛ لأن الهمزة في أرض أصلية وفي أرضيتم للاستفهام لا أصلية مع وجود الترتيب في الحروف المشبهة فيهما وذلك ظاهر.
__________________
(١) التوبة : ٣٨.