رد العجز على الصدر
(ومنه) أي : ومن أنواع البديع اللفظي (رد العجز على الصدر) أي النوع المسمى بذلك (وهو) أي : رد العجز على الصدر يكون في النثر وفي النظم فهو (في النثر أن يجعل أحد اللفظين المكررين) وهما المتفقان لفظا ومعنى (أو) أحد (المتجانسين) وهما المتشابهان في اللفظ دون المعنى (أو) أحد (الملحقين بهما) أي : بالمتجانسين وقد تقدم أن الملحقين بالمتجانسين قسمان ما يجمعهما الاشتقاق وما يجمعهما شبه الاشتقاق (في أول الفقرة) متعلق بأن يجعل أي : هو في النثر أن يجعل في أول الفقرة أحد المذكورين من تلك الأنواع (و) يجعل اللفظ (الآخر) منهما (في آخرها) أي : في آخر تلك الفقرة ، والفقرة في أصلها اسم لعظم الظهر استعيرت للحلي المصنوع على هيئته ثم أطلقت على كل قطعة من قطع الكلام الموقوفة على حرف واحد ؛ لحسنها ولطافتها وقد تقدم بيان معناها ، ففي رد العجز على الصدر في النثر أربعة أقسام ؛ لأن اللفظين الموجود أحدهما في أول الفقرة والآخر في آخرها إما أن يكونا مكررين أو متجانسين أو ملحقين بالمتجانسين من جهة الاشتقاق أو ملحقين بهما من جهة شبه الاشتقاق فهذه أربعة أتى المصنف بأمثلتها على هذا الترتيب ، فقال : القسم الأول وهو ما يوجد فيه أحد المكررين في أول الفقرة والآخر في آخرها (نحو) قوله تعالى (وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ) (١) فقد وقع تخشى في أول هذه الفقرة وكرر في آخرها ولا يضر اتصال الآخر بالهاء في كونه آخرا ؛ لأن الضمير المتصل كالجزء من الفعل.
(و) القسم الثاني وهو ما يوجد فيه أحد المتجانسين في أول الفقرة والآخر في آخرها (نحو) قولهم (سائل اللئيم) أي طالب المعروف من الرجل الموصوف باللآمة والرذالة (يرجع ودمعه سائل) فسائل في أول الفقرة وسائل في آخرها متجانسان ؛ لأن الأول من السؤال والثاني من السيلان.
(و) القسم الثالث وهو ما يوجد فيه أحد الملحقين بالمتجانسين من جهة الاشتقاق في أول الفقرة والآخر في آخرها (نحو) قوله تعالى (اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً) (٢) فبين استغفروا وغفارا شبه التجانس باشتقاق ؛ لأن مادتها المغفرة ، ولم يعتبر
__________________
(١) الأحزاب : ٣٧.
(٢) نوح : ١٠.