فدع الوعيد فما وعيدك ضائري |
أطنين أجنحة الذباب يضير) (١) |
فبين ضائر ويضير اشتقاق ملحق ، والأول منهما في آخر المصراع ، والثاني في العجز والمعنى أن وعيدك أي : إخبارك بأنك تنالني بمكروه دعه فإنه لا يجديك معي شيئا ؛ لأنه بمنزلة طنين أجنحة الذباب وذلك الطنين لا يبالي به فكذا وعيدك (و) أما الرابع من الملحقين اشتقاقا وهو ما يكون فيه الآخر من الملحقين في صدر المصراع الثاني فك (قوله :
وقد كانت البيض القواضب في الوغى |
بواتر وهي الآن من بعده بتر) (٢) |
فالبواتر في صدر المصراع الثاني والبتر في العجز وهما مأخوذان من مادة البتر وهو القطع والمعنى : أن السيوف البيض القواضب أي : القواطع من ذاتها كانت في الحروب قواطع لرقاب الأعداء من استعمال الممدوح إياها لمعرفته لذلك وتدربه وشجاعته ، وهي الآن بعد موته بتر أى : مقطوعة الاستعمال إذ لم يبق بعده من يستعملها كاستعماله هذا تمام أمثلة رد العجز على الصدر.
السجع
ثم أشار إلى نوع آخر من البديع اللفظي فقال (ومنه) أي ومن البديع اللفظي (السجع) أي : النوع المسمى بالسجع (وهو) أي : السجع (تواطؤ) أي توافق (الفاصلتين) وهما الكلمتان اللتان في آخر الفقرتين من النثر بمنزلة القافيتين في البيتين (على حرف واحد) أي : توافق الفاصلتين في كونهما على حرف واحد في آخر كل منهما ، وربما يفهم من إضافة التوافق إليهما أن لهما حالتين التوافق وعدمه وفي كلا الحالتين يسميان فاصلتين وهو الأقرب لكلامهم. (وهو) أي : وهذا التفسير (معنى قول السكاكي هو) أي : السجع (في النثر كالقافية في الشعر) ومن المعلوم أن القافية في
__________________
(١) البيت لابن أبى عيينة ، أورده الجرجانى فى الإشارات ص (٢٩٧) ، وفى دلائل الإعجاز ص (٢) ، وهو فى الكامل (٢ / ٣١٨).
(٢) البيت لأبى تمام فى ديوانه (٤ / ٨٣) ، والإشارات ص (٢٩٨) ، وشرح ديوانه ص (٣٥٦) ، وفى نهاية الإيجاز ص (١٣٩).