التشريع
(ومنه) أي ومن البديع اللفظي (التشريع) أي : النوع المسمى بالتشريع قيل : إن تسميته بهذا لا تخلو من قلة أدب ؛ لأن أصل التشريع تقرير أحكام الشرع وهو وصف الباري أصالة ووصف رسوله نيابة ، فالأولى على هذا أن يسمى ببعض ما سمي بها من غير هذه التسمية ، فإنه يسمى التوشيح وذا القافيتين والتسمية الأخيرة أصرح في معناها والتوشيح في الأصل التزيين باللآلي ونحوها (وهو) أي التشريع الذي هو التوشيح وذو القافيتين (بناء البيت على قافيتين) أو أكثر بحيث (يصح المعنى) والوزن (عند الوقوف) أي مع الوقوف (على كل منهما) أي : كل من القافيتين اللتين بني البيت عليهما وأبلغه ما يكون في جميع القصيدة ، وإنما قلنا أو أكثر ليعلم أن البناء على أكثر يسمى التشريع أيضا ، وإن كان يلزم من البناء على أكثر وجود البناء على قافيتين إلا أنه حيث اقتصر على ذكر القافيتين ربما يتوهم اختصاص التشريع بهما وزدنا بعد قوله : يصح المعنى ، قولنا : والوزن تصريحا ، بما يفهم من قوله على قافيتين إذ البناء على القافية يستلزم صحة الوزن ضرورة أن القافية لا تسمى قافية إلا مع الوزن فعلى هذا لا يرد أنه بقى على المصنف ذكره لأنه مفهوم من ذكر القافية ، وإنما صرحنا نحن لزيادة الإيضاح فالتشريع حينئذ هو أن يبني الشاعر أبيات القصيدة جميعها أو بعضها على قافيتين بحيث يصح المعنى والوزن عند الوقوف على كل منهما على أن يكون الوزن مع خصوص كل من القافيتين من بحر غير بحر الأخرى ، أو من ضرب غير ضرب الأخرى مع كونهما من بحر واحد ، أو يبني الأبيات على قواف متعددة وإنما لم يذكره المصنف ولم يمثل له ؛ لأنه متكلف قليل الوجود ، والموجود كثيرا ، وعليه تبنى القصائد ما يكون من قافيتين (كقوله) أي : ومثال ما يبني على قافيتين قول الحريري :
(يا خاطب الدنيا الدنية إنها |
شرك الردى وقرارة الأكدار) (١) |
أي مقر الكدورات وبعده :
__________________
(١) الأبيات لأبى القاسم الحريرى فى المقامة الثالثة والعشرين كما فى شرح عقود الجمان (٢ / ١٦٧) ، والمثل السائر (٣ / ٢١٧) ، والمصباح ص (١٧٦) ، والطراز (٢ / ٧٢) ، ومقامات الحريرى ص (١٩٢).