خاتمة
أي : هذه خاتمة للفن الثالث وليست خاتمة لما ذكر في الكتاب الشامل للفنون الثلاثة إذ لا يرجع معناها إلى ما تشترك فيه الفنون الثلاثة أو ينفع فيها حتى تكون خاتمة لمجموع ما في الكتاب وسنقرر ذلك قريبا ثم بين موضوع هذه الخاتمة بذكر ما يبحث عنه فيها بقوله (في السرقات الشعرية) أي : هذه الخاتمة يبحث فيها عن السرقات الشعرية ببيان كيفية ذلك وبيان المقبول من ذلك وغيره فصار المبحوث عنه فيها متوهم الظرفية لها فهي في السرقات الشعرية (و) في (ما يتصل بها) أي : بالسرقات الشعرية كالاقتباس والتضمين والعقد والحل والتلميح ، وستأتي معاني هذه الألقاب ، ووجه اتصال هذه بالسرقات كون كل من القبيلين فيه إدخال معنى كلام سابق في لاحق (و) هي أيضا في (غير ذلك) أي يذكر في الخاتمة ما ذكر من السرقات وما يتصل بها ، ويذكر فيها غيرهما مما فيه حسن غير ذاتي مثلهما وذلك كالقول في الابتداء والتخلص منه إلى غرض آخر ، وكالقول في الانتهاء ، وذلك ببيان أن هذه المواطن ينبغي أن يعتني بها ، ويزداد الكلام بها حسنا وإنما جمع هذه الأشياء في الخاتمة ، ولم يجعلها بابا من البديع أو يجعل كل واحد منها بابا على حدة لوجهين أحدهما أن كلا منهما ليس أمرا يعم كل كلام ويغلب مكان جريانه في كل موطن أما في السرقات فظاهر لخروج النثر ، وكذا فيما يتصل بها لاختصاصها بالأخذ عن الغير ، وأما في الابتداء والانتهاء والتخلص فلخروج ما ليس في تلك المحال وهذا الوجه بعينه يمكن أن يجعل هو السر في جمعها لاشتراكها فيه ، والوجه الثاني أن الحسن فيها دون الحسن في غيرها مع سهولة التناول فلم تجعل بابا لقلة الاهتمام بشأنها ويسرها باعتبار غيرها وإن كان الناس يهتمون بأمورها أما في السرقات فلما علم من أن الابتداع أرفع وأصعب من الاتباع وإن كان فيه تغيير ما وكذا فيما يتصل بها ، وأما في الابتداء وما والاه فلما علم من أن رعاية تمام الحسن في جميع أجزاء الكلام أعلى وأصعب ويمكن جعل هذا أيضا هو السر في جمعها ، وإنما جعلت هذه الخاتمة المشتملة على ما ذكر من هذا الفن الأخير دون مجموع ما في الكتاب كما جعلها بعضهم لوجهين أحدهما : أن المصنف ـ وهو من أرباب الفن ومما