والاتفاق في الوجه مع اختلاف المعنى ، لكن على وجه التشابه كتشبيه الميت المصبوغ بالدم باللابس ثم تشبيه السيف اليابس عليه الدم بالمغمد فهذه يمكن فيها التفاوت وأما الاختلاف في الوجه والمعنى أو في المعنى فقط لا على وجه التشابه كتشبيه إنسان بالرمح ثم تشبيه الآخر بالادرة (١) فيه فلا يكون من هذا القبيل (وإلا) يشترك الناس في معرفة الوجه المعبر به عن المعنى (جاز أن يدعي في) أي : أن يدعي في هذا الوجه من الدلالة بأن يكون مجازا مخصوصا أو كناية أو تشبيها على وجه لطيف (السبق) أي : إذا كان غريبا أمكن ادعاء السبق أي : غلبة أحد الآتيين به الآخر بأن يكون أكمل منه وأفضل (والزيادة) أي : وزيادة أحدهما على الآخر فيه بالغلبة والآخر أنقص منه ويحتمل أن يراد بالسبق التقدم أي يجوز حينئذ أن يدعي أن أحدهما أقدم والآخر أخذه من ذلك الأقدم (وهو) أي : ما لا يشترك الناس في معرفته من وجه الدلالة على الغرض كالدلالة بالتشبيه والدلالة بالتجوز الخاص (ضربان) أي : نوعان أحدهما (خاصي في نفسه غريب) لا يدركه من ذاته إلا الأذكياء كتشبيه الشمس بالمرآة في كف الأشل وكالتجوز بإطلاق الاحتباء على ضم العنان الذي في فم الفرس لقربوسه كما تقدم فنحو ذلك غريب لا يدرك إلا بفكر (و) الآخر (عامي) يدركه كل أحد في أصله لكن (تصرفه فيه بما أخرجه من الابتذال إلى الغرابة كما مر) في تشبيه الوجه البهي بالشمس في قوله :
لم تلق هذا الوجه شمس نهارنا |
إلا بوجه ليس في حياء (٢) |
فإن تشبيه الوجه البهي بالشمس مبتذل عامي لكن أضاف إلى ذلك كون عدم الحياء من الشمس هو الذي أوجب لها ادعاء المقابلة لهذا الوجه فخرج بذلك عن الابتذال وقد تقدم بسطه وكما في التجوز في إطلاق السيلان على سير الإبل فإنه مبتذل ولكن تصرف فيه بإسناده إلى الأباطح ، وإدخال الأعناق فيه فخرج بذلك عن الابتذال وقد تقدم أيضا بسطه ، ونحو هذا التقسيم سبق في التشبيه والاستعارة أن منهما الغريب الذي للخاصة والمبتذل العامي الباقي على ابتذاله والمتصرف فيه بما أخرجه عن الابتذال
__________________
(١) كذا بالأصل المطبوع ، ولعل الصواب (بالدّرة) وهى العصا ، والله أعلم.
(٢) البيت للمتنبي فى ديوانه (١ / ١٧٤).