كالمثالين فإن قلت التفاوت في الوجه إن كان غير حقيقة ظاهر ، وأما إن كان حقيقة وهو التشبيه فلا غرابة فيه إلا من جهة المعنى فلا يدخل في الغرابة من جهة وجه الدلالة لأن المعنى إن كان غريبا فذاك وإلا أمكن التشبيه من كل أحد بلا تكلف فلا تفاوت فكيف عد التشبيه من هذا القسم؟! قلت يقع في التفاوت من جهة إدراك صلاحية المعنى له أولا وأيضا الدلالة على التشبيه قد تكون بتصرف في الألفاظ وتعتبر الحالة المعهودة للتشبيه كما تقدم في قوله : (لم تلق هذا الوجه شمس نهارنا) إلخ فيقع فيها التفاوت نعم حسن الدلالة لا ينفك عن غرابة المعنى لا في الحقيقة ولا في المجاز تأمل وذلك كاف في ادعاء السبق والزيادة.
ولما ذكر ما لا يعد من باب السرقة أشار إلى تقسيم ما هو من بابها سواء كان منها لكونه دقيقا غير عام الإدراك مع كون وجه الدلالة فيه متحدا بكونه حقيقة أو كان منها لكونه وجه الدلالة التي ليست بشائعة لا من جهة كونه معنى غريبا كما تقدم أن ما عد من السرقة قسمان فقال وإذا ميزت بين ما يكون من السرقة ومالا.
نوعا الأخذ والسرقة
(فالأخذ والسرقة) أي : الأخذ الذي هو السرقة في الجملة من أي قسم هو أعنى سواء كان من قسم وجه الدلالة أو من قسم دقة المعنى فقط (نوعان) أي ينقسم أولا إلى نوعين :
الأخذ الظاهر
(ظاهر) بأن يكون لو عرض الكلامان على أي عقل حكم بأن أحدهما أصله الآخر بشرطه المعلوم (وغير ظاهر) بأن يكون بين الكلامين تغيير محوج في كون أحدهما أصله الآخر إلى تأمل.
(أما) الأخذ (الظاهر) من النوعين (ف) هو (أن يؤخذ المعنى كله) مع ظهور أن أحدهما مع الآخر وإنما زدنا هذا القيد ؛ لأن غير الظاهر فيه المعنى أيضا إلا أنه مع خفاء والذوق السليم يميز ذلك في الأمثلة وهو حينئذ ثلاثة أقسام لأن أخذ المعنى كله (إما) أن يكون (مع) أخذ (اللفظ كله أو) يكون مع (أخذ بعضه) أي : أخذ بعض اللفظ وترك