البعض (أو) يكون مع أخذ المعنى (وحده) بدون أخذ شيء من اللفظ أصلا بل يبدل جميع الكلام بتركيب آخر ولا يدخل في هذا تبديل الكلمات المرادفة بما يرادفها مع بقاء النظم ؛ لأنه كما سيأتي في حكم أخذ اللفظ كله ، فالمراد بأخذ المعنى وحده تحويله إلى صورة أخرى تركيبا وإفرادا كما سيأتي في الأمثلة ، ولا ضرر في المعية الكائنة في قولنا أخذ المعنى كله مع أخذه وحده ؛ لأن الصحبة بين المعنى كله ووحدته لا بين المعنى كله وبين نفسه وهو ظاهر.
ثم أشار إلى بيان قبيح هذا القسم أعني الظاهر وإلى بيان غير قبيحه فقال (فإن أخذ) الأخذ للمعنى كله (اللفظ كله من غير تغيير لنظمه) أي لكيفية الترتيب والتأليف الواقع بين اللفظيين أي : بين اللفظ المأخوذ واللفظ المأخوذ منه وذلك بأن يكون كل من اللفظ المأخوذ والمأخوذ منه متحدا نوعا وعدم تغييره هو اتحاده نوعا من كل وجه وإنما اختلف شخصه فإن بينهما ترتيبا وتأليفا متعددا شخصا باعتبار اللافظين وليس مرادنا باللفظين ما وقع فيه التركيب الأول ؛ لأنه لا يتعين أن يكون لفظين ، ولا ثلاثة حتى يثنى ، أو يجمع (فهو مذموم) أي : أن أخذ جميع اللفظ بلا تغيير فذلك الأخذ مذموم (لأنه سرقة محضة) أي : غير مشوبة بشيء آخر ليس للمسروق منه فإن السرقة المحضة أشد في الحرمة من السرقة المشوبة بشيء من غير مال المسروق منه (ويسمى) هذا الأخذ المذموم (نسخا) ؛ لأنه نسخ كلام الغير ونسبه لنفسه وذلك (كما) أي : كالأخذ الذي (حكى عن عبد الله بن الزبير) وهو الشاعر المعلوم وليس المراد به عبد الله بن الزبير بن العوام الصحابي المعلوم ، وإنما المراد به شخص آخر كان قدم على عبد الله بن الزبير الصحابي المعروف فلما حرمه من العطاء قال ابن الزبير أعني هذا المذكور هنا للسيد عبد الله بن الزبير لعن الله ناقة حملتني إليك فقال له السيد عبد الله بن الزبير الصحابي إن وراكبها (أنه فعل ذلك) أي الأخذ الذي روي أن الإنسان المذكور فعله أي : أوقعه (بقول معن بن أوس) وهو قوله (إذا أنت لم تنصف أخاك) (١) أي إذا لم تعطه النصفة بفتح النون والصاد وهي اسم مصدر للإتصاف الذي هو العدل وتوفية الحق ومعنى
__________________
(١) البيتان إنشاد عبد الله بن الزبير ، وإنشاد ابن أوس فى شرح عقود الجمان (٢ / ١٧٨) ، والإشارات ص (٣٠٦).