ولا تقتل الأسرى ولكن تفكهم |
إذا أثقل الأعناق حمل المغارم (١) |
فلما حضر الفرزدق أخبر بالهجو فقط ، فأنشد البيت المذكور بعينه مع غيره فتعجب الحاضرون مما اتفق لكل منهما مع صاحبه ، وإذا تحقق أن شرط دعوى كون الثاني سرقة باعتبار الأول ، أو أخذا أن يعلم أن الثاني أخذ عن الأول ، وجب ترك نسبة الثاني إلى السرقة. (فإذا لم يعلم) أن الثاني أخذ عن الأول (قيل) في حكاية ما وقع من المتأخر بعد المتقدم (قال فلان كذا) وكذا من بيت أو قصيدة (وقد سبقه إليه) أي : إلى ذلك القول (فلان فقال كذا) سواء كان مخالفا للثاني في اعتبار ما أولا. وإنما قلنا أو قصيدة ؛ لجواز توارد الخواطر في معنى القصيدة أيضا ، بل وفي لفظها فإن الخالق على لسان الأول هو الخالق على لسان الثاني ، ولا يقال إذا لم يعلم الأخذ أنه أخذه من الأول اعتناء بفضيلة الصدق ، وفرارا من دعوى علم الغيب ، وفرارا من نسبة النقص للغير ؛ لأن أخذ الثاني من الأول لا يخلو من مطلق الانتقاص في الثاني ، باعتبار والأول المنشئ له بلا تقدم استعانة شاعر آخر. وهنا انتهى ما أورده مما يتعلق بالسرقات الشعرية.
ما يتصل بالسرقات
ثم شرع فيما يتصل بها فقال (ويتصل بهذا) أي : بما تقدم وهو القول في السرقات الشعرية (القول) فاعل يتصل أي : القول في السرقات يتصل به القول أي : الكلام (في الاقتباس و) الكلام في (التضمين و) الكلام في (العقد و) الكلام في (الحل و) الكلام في (التلميح) وهو مأخوذ من لمح إذا أبصر ، فاللام فيه مقدمة على الميم ، وليس من ملح إذا حسن حتى يكون بتقديم الميم كما قد يتوهم. وسيأتي تفسير هذه الألقاب قريبا.
ويلزم من كون القول يتصل بالقول كونها في نفسها لها اتصال بالسرقات ، ومعنى اتصالها بالسرقات تعلقها بها تعلق المناسبة ، فيناسب أن يوصل الكلام عليها
__________________
(١) البيت فى شرح المرشدى على عقود الجمان (٢ / ١٨١).