أي : أتى بشيء غريب اقتبسه من قوله تعالى (وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ) (١) وظاهر أنه أتى به لا على أنه من القرآن.
(و) إلى الثاني منها وهو اقتباس قرآن في نظم بقوله ك (قول الآخر إن كنت أزمعت) (٢) يقال أزمع على الشيء إذا عزم عليه أي : إن كنت عزمت (على هجرنا من غير ما جرم) أي : من غير ذنب صدر منا إليك (فصبر جميل) أي : فأمرنا معك صبر جميل ، اقتبسه من قوله تعالى حكاية عن يعقوب على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسّلام : (بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ)(٣) (وإن تبدلت بنا غيرنا) أي : اتخذت غيرنا بدلا منا في الصحبة والمحبة (فحسبنا الله) في الإعانة والكفاية في هذه الشدة التي هي قطعك حبل وصالنا (ونعم الوكيل) المفوض إليه في الشدائد اقتبسه من قوله تعالى (وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ)(٤).
(و) إلى الثالث منها وهو اقتباس حديث في نثر بقوله وك (قول الحريري قلنا : شاهت الوجوه وقبح اللكع ومن يرجوه) اقتبس شاهت الوجوه من قوله صلىاللهعليهوسلم يوم حنين : " شاهت الوجوه" (٥) وذلك أنه روى أنه صلىاللهعليهوسلم لما اشتدت الحرب يوم حنين أخذ كفا من حصى ، فرمى بها وجوه المشركين فقال : " شاهت الوجوه" أي : قبحت وتغيرت بانكسارها وانهزامها وعودها بالخيبة. مما تريد ، فلما فعل ذلك انهزم المشركون ، اللكع : اللئيم ، وقبح بضم القاف وكسر الباء مبنى للمجهول من قبحه بفتح القاف والباء يقبحه بفتحها أيضا مع تخفيفها في الكل بمعنى لعنه الله تعالى وأبعده ، قال تعالى (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ)(٦).
__________________
(١) النحل : ٧٧.
(٢) البيت لأبى القاسم بن الحسن الكتابى ، فى الإيضاح ص (٣٥٢) ، وفى شرح المرشدى (٢ / ١٨٤).
(٣) يوسف : ١٨.
(٤) آل عمران : ١٧٣.
(٥) أخرجه مسلم فى الجهاد ، باب غزوة حنين ، (ح ١٧٧٧) ، من حديث سلمة بن الأكوع.
(٦) القصص : ٤٢.