اليسير لأجل الوزن فقال (كقوله) أي : كقول بعض المغاربة حين مات له صاحب (قد كان) (١) أي : قد وقع (ما خفت أن يكونا) أي : أن يقع (إنا إلى الله راجعونا) اقتبسه من قوله تعالى : (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ* الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ)(٢) فقد نقص مما أخذ من الآية اللام من لله وإنا والضمير من إنا إليه قصدا لاستقامة الوزن.
التضمين
(وأما التضمين) من الألقاب السابقة (فهو) أي : فمعناه (أن يضمن الشعر) خرج النثر فلا يجرى فيه التضمين ، ولاختصاصه بالشعر لم يشترط فيه أن ينبه على أن الكلام لغير المضمن ، بل يجوز فيه التنبيه وعدمه عند الشهرة كما سيأتي ؛ وذلك لأن ضم كلام الغير في الشعر على وجه يوافق المضموم إليه مما يستبدع ؛ إذ ليس سهل التناول ، ولذلك عد في المحسنات (شيئا) أي : هو أن يدخل في الشعر شيئا (من شعر الغير) خرج به ما إذا ضمن شيئا من نثر الغير ، فلا يسمى تضمينا بل عقدا كما سيأتي ، وأطلق في الشيء المضمن ليشمل تضمين بيت أو فوقه أو مصراع أو دونه ، فإن كل ذلك يسمى تضمينا ، والأحسن أن يقول : بدل قوله : من شعر الغير ، من شعر آخر ؛ ليشمل ما إذا ضمن شيئا من شعر نفسه من قصيدة أخرى مثلا ، ولكن لقلة التضمين على هذا الوجه لم يعتبره (مع التنبيه عليه) أي : مع التنبيه على أنه من شعر الغير (إن لم يكن) ذلك الشعر المضمن (مشهورا) لصاحبه (عند البلغاء) لكثرته وشيوع إشاده ، وبهذا القيد أعنى اشتراط التنبيه عليه إلا أن يكون مشهورا فتغنى شهرته عن التنبيه تخرج السرقة والأخذ ؛ لأن فيها تضمين شعر أيضا ، وإنما افترقا في أن السارق يبذل الجهد في إظهار كونه له ، والمضمن يأتي به منسوجا مع شعره مظهرا أنه لغيره وإنما ضمه إليه ليظهر الحذق وإظهار كيفية الإدخال للمناسبة ، ولما شمل الكلام تضمين بيت أو أكثر أو
__________________
(١) الصحيح أن البيت لأبى تمام قاله عند موت ابنه ، أورده محمد بن على الجرجانى فى الإشارات ص (٣١٦) ، والإيضاح ص (٣٥٣).
(٢) البقرة : ١٥٦.