في العقد من التغيير الكثير ، وأما عقد غير القرآن والحديث ف (كقوله : ما بال من أوله نطفة* وجيفة آخره يفخر) (١) وجملة يفخر في محل نصب على الحال ، أي : ما باله مفتخرا ، وصح مجيء الحال عن المضاف إليه ؛ لأن المضاف بصدد السقوط ، والعامل ما تضمنته ما ، والتقدير أسأل عن حاله مفتخرا ، ولو قيل حينئذ : أسأل عنه مفتخرا في هذه الحال صح ، وهذا البيت (عقد) فيه (قول) مولانا (على رضي الله) تعالى (عنه مالا بن آدم والفخر) أي : أي شيء ثبت لابن آدم ، فيثبت له الفخر أي : أي جامع بينهما (إنما أوله) أي : أصله (نطفة ، وآخره جيفة) أي : وحاله الأخيرة حال جيفة ، فمن أين يأتيه الافتخار؟ وقد زاد بعضهم في معنى هذا الكلام فقال مالك وللفخر أولك نطفة مذرة ، ووسطك جسم حامل للعذرة ، وآخرك جيفة قذرة ، فمالك وللفخر.
الحل :
(وأما الحل) وهو مقابل للعقد من الألقاب السابقة (فهو) أي : فمعناه (أن ينثر نظم) أي : أن يجعل النظم نثرا ، وشرط كونه مقبولا أمران :
أحدهما : أن يكون سبكه حال نثره أي : تركيبه وجمعه مختارا حسنا لا يتقاصر عن النظم في حسنه ، وذلك بأن يشتمل على ما ينبغي أن يراعى من بديع النثر الذي به يكون كهيئة النظم ، ككونه مسجعا ذا قرائن مستحسنة ، فلو كان غير ذلك لم يقبل.
والآخر : أن يكون مطابقا لما تجب مراعاته من البلاغة مستقرا في مكانه الذي يجب أن يستعمل فيه ، فلو كان قلقا لعدم طباقه مضطربا لعدم موافقته محله لم يقبل ، وليس من شرطه أن يستعمله في نفسه معناه ، بل لو نقله من هجو إلى مدح مثلا مع كونه مطابقا قبل ، فالمستكمل للشرطين (كقول بعض المغاربة) في وصف شخص بأنه سيئ الظن ؛ لقياسه على نفسه غيره (فإنه لما قبحت فعلاته) أي : أفعاله (وحنظلت نخلاته) أي : صارت ثمار نخلاته كالحنظل ، وهذه الجملة تمثيلية فإنه شبه حال من تبدلت
__________________
(١) البيت لأبى العتاهية ، انظر عقود الجمان (٢ / ١٩١) ، والإشارات (٣١٩).