ومن دون ذلك خرط القتاد
أشار به إلى المثل السائر ، وأصله لكليب ، وذلك أنه لما سمع قول جساس لأعقرن فحلا هو أعز على أهله منها ظن أنه يريد فحلا لكليب يسمى عليان ، فقال دون عليان خرط القتاد فصار مثلا يضرب لكل أمر شاق لا يوصل إليه إلا بتكلف عظيم ، فيقال دونه خرط القتاد ، والقتاد شجر صلب له شوك كالإبر وخرطه أن تمر اليد عليه من أعلاه إلى سفله حتى ينتثر منه شوكه.
هذه أمثلة النظم الثلاثة ، وأما أمثلة النثر فمثال الإشارة إلى القصة والشعر من النثر قول الحريري فبت بليلة نابغية ، وأحزان يعقوبية فأشار بقول ليلة نابغية إلى قول النابغة :
فبت كأني ساورتني ضئيلة |
من الرقش في أنيابها السم ناقع (١) |
والمساورة المقاتلة والإصابة ، والضئيلة بالضاد المعجمة الحية الدقيقة ، والرقش الحيات الدقق ، والناقع الشديد ، وأشار بقوله : وأحزان يعقوبية إلى قصة يعقوب عليهالسلام في فقدان يوسف على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسّلام.
ومثال الإشارة إلى المثل من النثر قوله فيالها من هرة تعق أولادها ، أشار به إلى المثل المعلوم وهو قولهم : أعق من الهرة تأكل أولادها ، وبه تمت الأمثلة الستة والله الموفق بمنه وكرمه.
ثم شرع في فصل من الخاتمة به ختمها وختم الكتاب فقال : (فصل) من الخاتمة في حسن الابتداء والانتهاء والتخلص ، وإنما جعلناه من الخاتمة ؛ لأنه إنما اشتمل على ما هو من الحسن غير الذاتي كما في الخاتمة (ينبغي للمتكلم) شاعرا كان أو كاتبا (أن يتأنق) أي : أن يتتبع الآنق وهو الأحسن من الكلام بأن يطلبه حتى يأتي به يقال : تأنق في الروضة إذا وقع فيها متتبعا أي : كان فيها حال كونه يتتبع أي : يطلب وينظر ما يونقه أي : يعجبه ، يقال آنقه كذا أعجبه فالتأنق هو تطلب الأحسن ، والنظر في الشيء ليؤتى بما يونق أي : يعجب منه.
__________________
(١) هو فى الإيضاح ص (٣٦٠).