طرف من الفم (حذار حذار) أي : احذر (من بطشي) أي : أخذى الشديد بالقوة (وفتكي) أي : قتلى لكم فجأة أي : لا تغفلوا عن إهلاكي لكم ، بل اجعلوه نصب أعينكم ، واستعدوا له بالتقوى والصبر ، وهذا مطلع قصيدة لأبي الفرج الساوي يرثي فخر الدولة ملكا من ملوك آل بويه ، وكذا قول أبي الطيب يرثي سيف الدولة :
نعد المشرفية والعوالي |
وتقتلنا المنون بلا قتال (١) |
التخلص
(وثانيها) أي : وثاني المواضع التي ينبغي للمتكلم أن يتأنق فيها (التخلص) أي : الخروج (مما شبب الكلام به) أي : ابتدئ الكلام وافتتح به ، وأصل التشبيب ذكر أمور الشباب ، قال الإمام الواحدي : التشبيب ذكر أيام الشباب ، وذكر اللهو والغزل ، ولما كثر إيقاعه في أوائل القصائد نقل عرفا إلى ابتداء القصيدة ، بل والكلام في الجملة سواء كان فيه ذكر اللهو والغزل وأيام الشباب أم لا ، فتبين أن المراد بالتشبيب كما قلنا افتتاح الكلام وابتداؤه سواء كان ما ابتدء به (من تشبيب) وهو ذكر الجمال ووصفه (أو) كان من (غيره) أي : من غير التشبيب كالأدب أي : الأوصاف الأدبية والافتخار وهو معروف والشكاية غير ذلك كالهجو والمدح والتوسل (إلى المقصود) متعلق بالتخلص أي : الثاني هو التخلص إلى المقصود مما بدئ به الكلام (مع رعاية الملاءمة) أي : المناسبة (بينهما) أي : بين ما شبب به الكلام وبين المقصود واحترز بهذا ـ أعنى كون ما شبب به الكلام بينه وبين المقصود ـ ملاءمة عن الاقتضاب ، وظاهر العبارة أن التخلص الكائن مع المناسبة ينبغي أن يتأنق فيه بشيء آخر زائد عليه ، والمقدر أن التخلص في الجملة ـ أعنى التخلص اللغوي وهو الخروج من أول الكلام لغيره في الجملة ـ ينبغي أن يتأنق فيه برعاية المناسبة بينه وبين المتلخص إليه ، فإذا روعيت فيه حصل التأنق وحصل التخلص الاصطلاحي ، وهو الخروج مما شبب به الكلام إلى المقصود مع وجود المناسبة بينهما ، ويمكن تصحيح الكلام بأن يراد بالتخلص المذكور اللغوي ، ثم يقدر ضمير يعود عليه على طريق الاستخدام ، خبره تخلص يتعلق به قوله مما شبب إلخ ، فيكون تقدير الكلام من المواضع التي ينبغي التأنق فيها التخلص ، والتخلص
__________________
(١) هو للمتنبى فى رثاء أم سيف الدولة ، الإيضاح ص (٣٦٤).