يستغنى فى دفع البحث بما ذكر ؛ لأن توقيف الدلالة على تلك الإرادة غير مسلم ؛ لأن الفهم من اللفظ كاف فى تحقق الدلالة من غير رعاية الإرادة ، وعلى تقدير تسليمه لا يغنى ذلك عن رعاية الحيثية ، حيث يراد البيان لأن الإحالة على الإرادة ، ولو كانت الدلالة تنتفى بانتفائهما على هذا ؛ إحالة على خفى ، فليفهم.
(وشرطه) أى : وشرط الالتزام ، بمعنى أن كون فهم اللازم دلالة الالتزام إنما يشترط فيه (اللزوم الذهنى) فقط لا لزومه خارجا أيضا ، فإنه لا يشترط ، ففهم البصر من العمى الذى هو عدم البصر عما من شأنه أن يكون بصيرا دلالة الالتزام ، مع أنه إنما يلازم فى الذهن فقط لا فى الخارج لتنافيهما ، كما أن فهم الزوجية من الأربعة اللازمة لها ذهنا وخارجا معا دلالة الالتزام ، والمراد باللزوم الذهنى هنا أن يكون المعنى الملزوم إذا حصل فى الذهن ترتب عليه حصول لازمه مطلق الترتب بأن يوجد ، ولو بعد التأمل فى القرائن والعلامات وليس المراد به أن يكون الملزوم كلما فهم فهم لازمه الذى هو اللزوم البين عند المناطقة ، ولا أن يكون إذا تصور الملزوم وتصور اللازم حكم بثبوت اللزوم بينهما ، فإنه لو أريد خصوص الأول أو الثانى خرج عن دلالة الالتزام هنا كثير من المجازات والكنايات وهى المفتقرة إلى مطلق التأمل فى القرائن ، وخرجت التى لا يحكم بالربط بين طرفيها عقلا بعد تصورهما ، وأيضا لو أريد ذلك لما تأتى الاختلاف فى الوضوح المبنى على دلالة الالتزام هنا ، كما يترتب على دلالة التضمن ؛ لأن اللازم إن كان بحيث يفهم متى فهم ملزومه أو كان بحيث يحكم باللزوم بينهما بعد التصور من غير توقف على تأمل أصلا لم يوجد خفاء ووضوح فى ذلك اللزوم ، وهو واضح ، وبعض الناس فهم من كلامهم أن المراد باللزوم الذهنى المشترط هنا اللزوم البين عند المناطقة فنازع فى اشتراطه ؛ لأن المشترط ـ كما تقدم ـ مطلق الترتيب ، ولو مع التأمل فى القرائن. ومما يدل على أن ليس المراد اللزوم البين المشترط فى دلالة الالتزام عند المناطقة قول المصنف : (و) يشترط فى دلالة الالتزام كون اللزوم ذهنيا ، لا بشرط كون الربط عقليا فقط ؛ سواء كان بينا أو لا ، بل يكون ذهنيا (ولو) كان الربط (ل) أجل (اعتقاد المخاطب) اللزوم بين ذلك الملزوم واللازم (ب) سبب إثبات (عرف) عام ذلك الربط