والحسى طرفاه حسيان لا غير ؛ لامتناع أن يدرك بالحس من غير الحسى شيء. والعقلى أعم ؛ لجواز أن يدرك بالعقل من الحسى شيء ؛ ولذلك يقال : التشبيه بالوجه العقلى أعم.
فإن قيل : «هو مشترك فيه ؛ فهو كلىّ ، والحسى ليس بكليّ» :
قلنا : المراد أنّ أفراده مدركة بالحسّ.
(١٣٤) فالواحد الحسىّ : كالحمرة ، والخفاء ، وطيب الرائحة ، ولذّة الطّعم ، ولين الملمس فيما مرّ.
والعقلىّ : كالعراء عن الفائدة ، والجرأة ، والهداية ، واستطابة النفس فى تشبيه وجود الشيء العديم النفع بعدمه ، والرجل الشجاع بالأسد ، والعلم بالنور ، والعطر بخلق كريم.
(١٣٦) والمركّب الحسى فيما طرفاه مفردان : كما فى قوله (١) [من الطويل] :
وقد لاح فى الصّبح الثريّا كما ترى |
كعنقود ملّاحيّة حين نوّرا |
من الهيئة الحاصلة من تقارن الصور البيض المستديرة الصغار المقادير فى المرأى ، على الكيفية المخصوصة ، إلى المقدار المخصوص.
(١٤٠) وفيما طرفاه مركّبان ؛ كما فى قول بشّار (٢) [من الطويل] :
كأنّ مثار النّقع فوق رعوسنا |
وأسيافنا ليل تهاوى كواكبه |
من الهيئة الحاصلة من هوىّ أجرام مشرقة مستطيلة متناسبة المقدار متفرّقة ، فى جوانب شيء مظلم.
(١٤٣) وفيما طرفاه مختلفان ؛ كما مرّ فى تشبيه الشقيق (٣).
(١٤٤) ومن بديع المركّب الحسىّ : ما يجيء من الهيئات التى تقع عليها الحركة ، ويكون على وجهين :
__________________
(١) البيت لأبى قيس بن الأسلت أورده محمد بن على الجرجانى فى الإشارات ص ١٨٠. والملاحية : عنب أبيض. ونور : تفتح.
(٢) ديوانه ١ / ٣١٨ ، والمصباح ١٠٦ ، ويروى (رءوسهم) بدل (رءوسنا).
(٣) وكتشبيه نهار مشمس قد شابه زهر الربا بليل القمر.