على ذلك اختلاف الحد والمحدود فى الدلالة ، فإن دلالة الحد أخفى عند تعرف المحدود لاحتياجها إلى استخراج الأجزاء وتمييز ألفاظها الدالة عليها تفصيلا مع العلم بالوضع فى الكل ، وكون الدلالة فى الكل مطابقة. وأجيب بأن المعنى مختلف إجمالا وتفصيلا ، والكلام عند اتحاد المعنى من كل وجه ؛ حتى لا يبقى إلا نفس الدلالة ، فإذا اختلف حينئذ تحقق ما ذكر ، وذلك موجود هنا ، وورد أيضا أن المعنى قد يخفى لنقصان لفظ ويبدو لزيادته مع العلم بوضع جميع الألفاظ. وأجيب بأن المعنى مختلف إن دل المزيد على معنى زائد على ما صرح به ، وإن كان تفسيرا فلعدم العلم بالوضع حينئذ ، وورد أيضا أن ذلك الوضع لا يشترط فيه القطع ، بل الظن كاف ، وهو قابل للشدة والضعف ، فيتأتى الاختلاف فى الوضعية باعتبار ذلك. ويجاب بأن إيراد المعنى الواحد بطرق مختلفة باعتبار ظنون المخاطب مما لا ينضبط ولا يرتكب أصلا على أن تصور المعنى الموضوع له اللفظ يحصل مع كل ظن ، ولو كان ضعيفا فلم يختلف الموضوع وضوحا وخفاء ، وإنما اختلف كون ما فهم هل هو كذلك فى الوضع العربى أو لا ، والكلام فى تصور المعنى لا فى تحقق كون ما تصور منه هو الموضوع له أو لا ، فليتأمل.
(ويتأتى) الإيراد المذكور ، وهو إيراد المعنى الواحد بطرق مختلفة فى وضوح الدلالة (ب) الدلالة (العقلية) من تلك الدلالات الثلاث ، وتقدم أن العقلية هى دلالة اللفظ على جزء معناه ، وهى التضمن أو على لازمه وهى الالتزام ، وإنما تأتى إيراد المعنى الواحد بطرق مختلفة فى وضوح الدلالة بالعقلية (لجواز أن تختلف مراتب اللزوم) أى لزوم الجزء للكل فى التضمن ولزوم اللازم للمزوم فى الالتزام ؛ ولذلك عبر بالزوم ليشمل التضمن والالتزام معا ؛ لأن فى كل منهما لزوم الفهم للفهم ، ولو أراد خصوص دلالة الالتزام لعبر باللازم (فى الوضوح) أى : يجوز أن يكون اللزوم فى مرتبة ، أى فى مادة أوضح منه فى أخرى ، وذلك بسبب كون العلاقة والربط بين المنتقل منه الذى هو الكل أو الملزوم وبين المنتقل إليه الذى هو الجزء أو اللازم خفية ، فتخفى دلالة لفظ المنتقل منه على الجزء المنتقل إليه أو واضحة ، فتظهر ، وسبب الوضوح فى دلالة الالتزام إما كون اللزوم ذهنيا بينا ، تستوى فيه العقول ، وإما قلة الوسائط مع ضميمة الاستعمال العربى