المستعمل ، وإنما قلنا بوجود الانتقال ؛ لأنه كما انتقل المستعمل عند قصد التفصيل وإخراج اللوازم إلى الأقرب فالأقرب بعد تصور الأصل ، كذلك السامع أول ما يحتاج له الأصل باعتبار الدلالة الظاهرية لنفس اللفظ ، ثم يلتفت إلى فهم المراد باعتبار القرينة فيقرب عليه الفهم بقرب المراد ، ويبعد ببعده. فعلى هذا يكون الجواب عما تقدم أن يقال إنما يرد أن فهم الجزء سابق على فهم الكل ، فتكون الدلالة على جزء الجزء أقرب منها على الجزء إن أريد باللفظ معناه فيكون فهمه موقوفا على فهم أجزائه ، وأما إن أريد نفس الأجزاء بعد تحويله من مجموعه فكون الجزء أقرب ما يستعمل فيه اللفظ ، ويفهم منه عند الاستعمال دون جزء الجزء ظاهر ؛ إذ ليس فيه بهذا الاعتبار إلا طلب أقرب الأجزاء وأقرب اللوازم ليستعمل له اللفظ ، ويتبع ذلك سهولة الفهم على السامع ، بمعنى أن انتقال السامع إلى فهم الجزء من لفظ الأصل تبعا لإرادة المستعمل قريب أو طلب أبعدها ، فيتبع ذلك صعوبته على السامع فيصعب ، فليتأمل. فإنه من نفائس هذا المحل ، ويمكن تأويل الجواب السابق بهذا المعنى ، ثم ما ذكرنا فيما تقدم مما يقتضى أن الانتقال فى المفردات فى قولنا : زيد كثير الرماد ، ومهزول الفصيل ، وجبان الكلب ؛ لا ينافى ما تقدم من أن الانتقال لا بد معه من المطابقة لمقتضى الحال التى لا تكون إلا فى النسب التامة ؛ لأن تلك المفردات لا بد معها من نسبة تامة تصح فيها المطابقة ، وينبغى أن يعلم أن من سمى المجاز مطابقة أو الكناية كذلك لا يريد بذلك المطابقة التى تمنع من الاختلاف فى الدلالة ، وهى الأصلية ، كما ذكر المصنف ، وإنما يعنى ما يصح معه ما قررناه من صحة الاختلاف ، ومما ينظر فيه دلالة التركيب على مناسبة الخواص للمقامات : كدلالة اللفظ المؤكد فى مقام الإنكار على مناسبة التأكيد هل هى عقلية أو لا ، والصواب أنها عقلية وإلا لم تفتقر إلى الذوق ، وأنها من باب الكناية ؛ لأن اللفظ لم ينتقل للمناسبة.
(ثم اللفظ المراد به) أى : الذى أريد به (لازم ما) أى لازم المعنى الذى (وضع له) ذلك اللفظ ، وأراد باللازم هنا ما يلزم من وجود الشيء وجوده فى الجملة ليدخل