التشبيه
الخلاف فى الإظهار أقوى من إرادته فى الإضمار ؛ ولذلك أعاد التشبيه بلفظ الإظهار (الدلالة) أى : التشبيه هو الدلالة ، وهى فى الأصل مأخوذة من دللته على كذا إذا هديته له وأريته إياه ، ومنه الدلالة على الطريق ، والمراد به هنا أن يأتى المتكلم بما يدل (على مشاركة أمر لأمر فى معنى) ، الأمر الأول المشبه ، والأمر الثانى المشبه به ، والمعنى هو وجه الشبه ، كقولك : زيد كالأسد فى الشجاعة ، فقد دللت على مشاركة زيد للأسد فى الشجاعة ، وبهذا التفسير تكون وصفا للمتكلم ، وتطابق التشبيه الذى هو وصف المتكلم ، وهذا الذى فسر به التشبيه يشمل بظاهره ، مثل قول القائل : قاتل زيد عمرا ، وجاء زيد وعمرو ، فإن الأول يدل على مشاركة زيد عمرا فى المقاتلة ، والثانى يدل على مشاركته إياه فى المجيء ، ولكن إنما يشمل نحو المثالين إن لم نشترط فى الدلالة بالصراحة والقصد ، وهو الظاهر ؛ لأن دلالة اللزوم معتبرة والقصد غير مشروط على الأصح فى الدلالة مطلقا ، وإلا لم يشملها ؛ لأن مدلول الأول صراحة وجود المقاتلة من زيد وتعلقها بعمرو ، ويلزم من ذلك مشاركتهما فيها ، ومدلول الثانى صراحة وجود المجيء لزيد ووجوده لعمرو ، ويلزم من ذلك أيضا مشاركتهما فى المجيء ، والمتكلم قد يقصد وقوع المقاتلة من زيد وتعلقها بعمرو غافلا من مشاركتهما فيها ، وقد يقصد وقوع المجيء من كل واحد منهما غافلا عن المشاركة فيه أيضا ، ولو كانت المشاركة لازمة لكلا مدلولى التركيبين فعلى شرط كون الدلالة صريحة لا يشملها ، وكذا على شرط قصدنا ، والغرض غفلته عنها ، فإن قصدها على هذا التزمنا كونهما تشبيها فلا يرد الاعتراض ، ولأجل ورود الاعتراض بشمول نحو المثالين مع أنهما ليسا منه بناء على ما تقدم زاد فى التعريف لإخراج ذلك بكاف ونحوها ، إذ لم توجد فيهما ، وقد يدعى خروج نحو المثالين بما تقرر فيما يأتى من أن المعنى المشترك فيه فى التشبيه يجب أن يكون له نوع خصوصية ، والمجيء والتقاتل ليسا كذلك لعمومهما ، ولكن شرط الخصوصية فى الوجه إنما هو فى حسن التشبيه لا فى مطلقه ، على أن الاتكال فى التعريف على أمر خارج عنه ليس من دأب التعريف ، فالجواب هو ما تقدم ، ثم التشبيه المفسر بما ذكر هو