أركان التشبيه
(والنظر) أى : البحث (ههنا) أعنى فى هذا الباب الذى هو باب التشبيه المصطلح عليه (فى أركانه) أى : فى أركان التشبيه المصطلح عليه ، إذ هو له كما تقدم ، وإطلاق النظر على البحث توسعا واضح ؛ لأن البحث إنما يقع عن النظر والتأمل فى أحوال المنظور فيه ، ويحتمل أن يراد بالنظر معناه لاستلزامه البحث فى المنظور فيه إذا أريد بالنظر توجيه العقل لأحوال المنظور ، وأريد بالبحث إثبات ما اقتضى النظر إثباته ، ونفى ما اقتضى نفيه ، وأما إن أريد بالبحث التأمل فى أحواله اتحد هو والنظر حينئذ ، (و) الأركان هى المقصود بالتأمل هنا (هى) أربعة : اثنان من تلك الأربعة (طرفاه) وهما المشبه والمتشبه به ، (و) ثالثها (وجهه) وهو المشترك الجامع بين الطرفين ، (و) رابعها (أداته) الدالة على التشبيه كالكاف وشبهه ، (و) النظر أيضا إنما هو زيادة على النظر فى الأركان (فى الغرض منه) الحامل على إيجاده ، (وفى أقسامه) أى أقسام التشبيه الحاصلة بكونه تشبيه مفرد بمفرد أو مركب بمفرد أو مركب بمركب ، وبكونه ملفوفا أو مجموعا أو مفروقا أو بغير ذلك ، والأقرب أن المراد بالطرفين وبالوجه معنى كل واحد منهما لا اللفظ الدال عليه ؛ لأن المشترك فيه فى الحقيقة هو معنى الجامع لا لفظه والمشتركان فيه هما معنيا الطرفين لا لفظهما ، وأما الأداة فالأقرب أن المراد بها اللفظ بدليل التمثيل بالكاف وشبهها ، ويردها هنا أن يقال : لم سمى هذه الأربعة أركانا للتشبيه ، وركن الشيء جزء حقيقته ، وليست هذه الأشياء أجزاء حقيقة التشبيه ضرورة أن معنى المشبه والمشبه به اللذين هما مثلا ذات زيد والأسد فى قولنا : زيد كالأسد فى الشجاعة ليس نفس التشبيه ، بل متعلقان له ؛ لأن الجزء الداخل فى الماهية لا بد أن يصدق عليها ، وكذا الوجه الذى هو الشجاعة فى المثال والأداة التى هى الكاف ؛ إذ لا يخفى أن واحدا لا يصدق على التشبيه ، وأما ذكر هذه الأشياء فى تعريفه فليس على وجه كونها أجزاء المعرف ، بل ذكرها لتقييد المعرف به بها ، نظير ذلك البصر فى تعريف العمى ؛ حيث يقال : هو عدم البصر عما من شأنه الإبصار ، فالبصر للتقييد لا جزء للعمى ؛ إذ ليس هو عدم وبصر ، ونظيره قولهم فى البيع : هو نقل ملك المعقود عليه لأحد المتعاقدين عوضا