طرفا التشبيه حسيان
(إما حسيان) كأن يدركا بإحدى الحواس الخمس ، وهى : البصر ، والسمع ، والشم ، والذوق ، واللمس ، وسيأتى مقابل هذا ، ثم شرع فى تقسيم الحسيين فقال : فالمحسوسات بحاسة البصر (كالخد والورد) ؛ حيث شبه الأول بالثانى فى الحمرة ، والمراد بكون حقيقة الخد وحقيقة الورد حسيين أن جزئيات كل منهما محسوسة ، وكذا ما سواهما ، وهذا على مذهب المتكلمين من أن الأجرام تدرك بحاسة البصر ، وادعى فيه بعض المحققين الضرورة ، وأما على مذهب الحكماء من أن المدرك هو اللون فكونهما حسيين باعتبار ما جرى عليه اللسان عرفا ؛ حيث يقال : أبصرت الخد والورد ، فبذلك العرف أطلق عليهما أنهما حسيان ، وعلى كل حال فلا حاجة إلى تقدير اللون لكون محل التشبيه فيهما لحظة تشبيه نفس كل منهما بالآخر ، وانصراف النفس إلى ذلك عند السماع مع إطلاق اللفظ عرفا ، فلا يفتقر إلى التأويل ، (و) المحسوسات بحاسة السمع ك (لصوت الضعيف والهمس) حيث يشبه الأول بالثانى منهما ، والمراد بالضعيف ضعيف مخصوص ، وهو الذى لا يبلغ إلى حد الهمس ، والهمس هو الصوت الذى أخفى حتى لا يكاد يسمع ، فكأنه لم يخرج عن فضاء الفم أى : سعة الفم ووسطه ؛ وإنما قلنا المراد بالضعيف إلخ ؛ لأنه لو أريد مطلق الضعيف الصادق بالهمس لكان من تشبيه الأعم بالأخص ، ولا يصح بدون التعسف ، (و) المحسوسات بحاسة الشم ك (النكهة) ، وهى ريح الفم ، (و) ريح (العنبر) ؛ حيث شبه الأول بالثانى منهما ، وإنما قدرنا ريح العنبر ؛ لأن المشبه به ريح الفم الذى هو النكهة إنما هو ريح العنبر قطعا فى الاستطابة لا نفسه ، كما لا يخفى إذ لو شبه بالعنبر لم يتم إلا باعتبار ريحه جزما ، فيعود إلى ذلك المقدر ، (و) المحسوسات بحاسة الذوق ك (الريق) ، وهو ماء الفم ، (والخمر) حيث شبه الأول بالثانى منهما ، وهو أيضا بناء على أن الجرم المدرك طعمه بالذوق أدركت جرميته وخاصتها بالذوق أيضا ، وإلا فالمدرك بحاسة الذوق إنما هو الطعم ، فإطلاق كون الريق والخمر حسيين مراعاة لما جرى به عرف التخاطب ، ولا حاجة أيضا إلى جعل التشبيه بطعميهما ، فيقدر مضاف إليهما لتمام التشبيه فى أنفسهما مع صحة إطلاق الإحساس