عليهما عرفا ، كما تقدم فى الخد والورد ، (و) المحسوسات بحاسة اللمس ك (الجلد الناعم والحرير) ؛ حيث شبه الأول بالثانى ، وهذا بناء أيضا على إدراكهما مع إدراك لينهما باللمس ، وإلا فعند الحكماء إنما يدرك اللين ، فإطلاق الإحساس عليهما نظرا للعرف ، ولا حاجة أيضا إلى تقدير اللين ليقع التشبيه فيه لتمامه فيهما مع صحة الإطلاق عليهما عرفا ، وقد علم مما قررنا أن كون الطرفين حسيين فى غير النكهة على مذهب الحكماء إنما هو على وجه التوسع والإطلاق العرفى ، حيث يقال : أبصرت الورد ، وشممت العنبر ، وذقت الخمر ، ولمست الحرير. وأما على مذهب غيرهم وإياه اعتمد المصنف فالكلام على ظاهره من غير توسع ، وذلك واضح.
طرفا التشبيه عقليان
(أو عقليان) هذا مقابل قوله : إما حسيان يعنى أن الطرفين إما أن يكونا حسيين ، ـ كما تقدم ـ وإما أن يكونا عقليين بأن لا تدرك مفرداتهما بالحس ، بل بالعقل ، وذلك (كالعلم) ، فإنهما ليسا حسيين وإنما يدركان بالعقل ، فإذا قيل العلم كالحياة والجهل كالموت فقد شبه معقول بمعقول ، ووجه الشبه بين الأولين كون كل منهما جهتى إدراك ، وبين الثانيين كونهما ليسا جهة إدراك ، ولا يقال : العلم نفس الإدراك ، فكيف يجعل جهته لأنا نقول المراد بالعلم هنا الملكة وهى حالة بسيطة ، أعنى قوة تحصل من ممارسة فن من الفنون بحيث يكون صاحبها يمكنه إدراك أحكام جزئيات ذلك الفن ، وإحضار أحكامها عند ورودها كالملكة الفقهية فإنها قوة يمكن لعارف أصوله ودلائله أن يعرف حكم أى جزء من جزئياته فيعرف حكم هذا الفعل المخصوص مثلا عند إرادة ذلك الحكم ، وأنه حرام أو مكروه أو مباح أو مندوب ؛ وإنما قلنا : بسيطة ؛ لأنها ليست هيئة حاصلة من عدة أمور لا تتصور إلا باعتبارها ، ولا نسبية يتوقف تعقلها على تعقل غيرها ، ولا شك أن العلم إذا أريد به هذا المعنى كان جهة للإدراك لا نفسه وقد تقدمت الإشارة لهذا المعنى ، وكذلك الجهل هو ملكة مانعة من الإدراك ، ولو جعل وجه الشبه بين العلم والحياة حصول الانتفاع والآثار والمآثر الحسية والمعنوية كان صحيحا أيضا ، وكذا إذا جعل الوجه بين الجهل والموت عكس ذلك وأما