الجاهل ، وهذا أمر ذوقى ، ثم ظهور الآثار فى الحى أقوى من ظهور الإدراك فيه ، ولذلك اخترنا كون الوجه الآثار والانتفاع ، فليتأمل.
(أو مختلفان) هذا مقابل كل من القسمين السابقين ، يعنى أن الطرفين إما حسيان معا وإما عقليان معا ، وإما مختلفان بأن يكون أحدهما حسيا ويكون الآخر عقليا ، وتقدم معنى الحسى والعقلى هنا ، وأن الأول هو ما تدرك جزئياته بإحدى الحواس الخمس ، والثانى ما يدرك بمجرد العقل ، وإذا اختلف الطرفان فالعقلى إما أن يكون هو المشبه ، والحسى هو المشبه به (كالمنية والسبع) ، حيث شبهت به ، فإن المنية وهى الموت عقلية ؛ إذ هى عدم الحياة عمن اتصف بها وأما نفيها عما من شأنه أن يتصف بها ولو لم يتصف بها بالفعل كنفيها عن الحيوان قبل وجوده ، فالأقرب أن تسمية ذلك النفى موتا توسع ، ولو كان شائعا كوصف الأرض بالموت عند ذهاب خضرتها ، ولا شك أن هذا العدم أمر عقلى لا يدرك بالحواس ، والسبع حسى لشهوده بالعين ، فالمشبه حينئذ ـ وهو المنية ـ عقلى ، والمشبه به حسى ، وإما أن يكون العقلى هو المشبه به والحسى هو المشبه ، (و) ذلك (كالعطر وخلق) رجل (كريم) ؛ حيث شبه الأول بالثانى ، فإن العطر وهو ما يتعطر به من كل طيب الرائحة كالمسك والعود الهندى لا شك أنه حسى لشهوده إن قصد كون ذاته مشبهة وإن قصد كون رائحته مشبهة فهى محسوسة بالشم أيضا ، وخلق الرجل الكريم ، وهى كيفية نفسانية ، أى : راسخة فى النفس ، تصدر عنها الأفعال الاختيارية الممدوح بها بسهولة بحيث لا يتكلف فى إيجاد تلك الأفعال كالإعطاء والصفح عن الزلة ومقابلة الإساءة بالإحسان عقلى ضرورة عدم إدراكه بغير العقل ، فأما تشبيه العقلى بالحسى كما فى المثال الأول فواضح ؛ لأن الحسى أقرب إلى الإدراك وأحق بظهور الوجه فيه وشهرته به ، فهو الأحق أن يشبه به العقلى الذى ليس فى تلك المنزلة فى وجه الشبه ، وأما تشبيه الحسى بالعقلى فلا يتم حيث يجرى التشبيه على أصله من كون الملحق به ـ وهو المشبه به ـ أقوى فى الوجه ، وكون الملحق ـ وهو المشبه ـ أضعف ، وذلك لما أشرنا إليه من أن إدراك الحسى أقرب ؛ لأن علم المحسوس وعلم أحواله أقرب من علم المعقول ، وإدراك أحواله ضرورة ، بل أصل