الذهبي في العبر في سنة اثنتين وستمائة : وفيها توفي التقي الأعمى مدرّس الأمينية ، وجد مشنوقا بالمنارة الغربية ، امتحن بأخذ ماله ، فأتهم به قائده وأحرق بيته ، فأهلك نفسه. ودرّس بعده جمال الدين المصري وكيل بيت المال انتهى. وقال ابن كثير في تاريخه : في هذه السنة التقي الضرير ، مدرّس الأمينية ، كان يسكن المنارة الغربية ، وكان عنده شاب يخدمه ويقوده ، فعدم للشيخ دراهم ، فاتهم هذا الشاب بها ، فلم يثبت له عنده شيئا ، وأتهم الشيخ عيسى هذا بأنه يلوط به ، ولم يكن يظن أن عنده شيئا من المال ، فضاع المال ، واتهم عرضه ، فأصبح يوم الجمعة السادس من ذي القعدة مشنوقا ببيته من المنارة الغربية ، فأحجم الناس عن الصلاة عليه لكونه قتل نفسه ، فتقدم الشيخ فخر الدين عبد الرحمن بن عساكر فصلى عليه فأتمّ الناس به. قال الشيخ شهاب الدين أبو شامة : وإنما حمله على ما فعله كثرة همه بضياع ماله والوقوع في عرضه. قال : وقد جرت لي أخت هذه القصة وعصمني الله تعالى بفضله.
وقد درّس بعده في الأمينية الجمال المصري (١) وكيل بيت المال انتهى كلام ابن كثير. وقال الأسدي في تاريخه في السنة المذكورة : التقي الضرير الفقيه الشافعي مدرس الأمينية كان فقيها عارفا بالمذهب مفننا نبيلا. قال أبو شامة : وفي ذي القعدة وجد مشنوقا بالمئذنة الغربية ، وكان يسكن في أحد بيوت منارة الجامع الغربية ، وكان ابتلي بأخذ مال له من بيته ، وأتهم شخصا كان يقرأ عليه ويطلع معه إلى البيت يقضي حاجته ، ويقوده من المدرسة إلى البيت ، ومن البيت إلى المدرسة ، فأنكر الشخص المتهم ذلك ، وتعصب له أقوام عند نائب البلد وواليها ، فوقع الناس في عرضه من اتهامه من ليس من أهل التهم ، ومن كونه جمع ذلك المال وهو وحيد غريب ، ونسبوه إلى أنه غير صادق فيما ادعاه ، فزاد عليه الهم من ضياع ماله والوقوع في عرضه ، ففعل بنفسه ما فعل ، وبلغني أن جماعة المتفقهة امتنعوا من الصلاة عليه وقالوا قتل نفسه ، فتقدم شيخنا فخر الدين بن عساكر فصلى عليه فاقتدى الناس به ، ودرّس
__________________
(١) شذرات الذهب ٥ : ١١٢.