بعده بالأمينية الجمال المصري وكيل بيت المال ، انتهى كلام الأسدي. ثم درس بها بعده الجمال المصري وهو قاضي القضاة جمال الدين أبو الوليد يونس بن بدران بن فيروز بن صاعد بن عساكر بن محمد بن علي القرشي الشيبي الحجازي الأصل المصري ، ولد بمصر تقريبا في سنة خمس وخمسين وخمسمائة ، وسمع من السلفي وغيره ، وحدث وسمع من جماعة منهم عمر بن الحاجب ، قال أعني ابن الحاجب : يشارك في علوم كثيرة ، وكان وكيلا لبيت المال بدمشق فلم يحسن السيرة ، ثم ولي قضاء القضاة بدمشق في شهر رجب سنة ثماني عشرة ، ونبل شأنه أيام العادل ، ودرس بالأمينية هذه وولاه إياها الوزير صفي الدين أبو بكر بعد الضرير التقي ، وكان معتنيا بأمره ، وباشر وكالة بيت المال بعد عزل الزكي بن الزكي ، وولاه تدريس العادلية الكبرى حين كمل بناؤها ، فكان أول من درّس بها ، وحضر عنده الأعيان ، وكان ذلك أيام الملك المعظم ، وألقى بها التفسير كاملا دروسا ، واختصر كتاب الأم للشافعي رضي الله تعالى عنه ، وصنف كتابا في الفرائض. وقال أبو شامة : وكان في ولايته عفيفا نزها مهيبا ملازما للحكم ، وكان ينقم عليه أنه كان يشير على بعض الورثة بمصالحة بيت المال ، وفي استنابته لولده (١) مع أن سيرته غير مستقيمة ، وطعنوا في نسبته إلى قريش. وقال الذهبي في العبر : كان غير محمود في ولايته. وقال ابن كثير : كان يجلس في كل يوم جمعة قبل الصلاة بالعادلية بعد فراغها سنة تسع عشرة ، وفي هذه السنة درّس بها لإثبات المحاضر ، ويحضر عنده في المدرسة جميع الشهود من كل المراكز ، حتى يعسر على الناس إثبات كتبهم في الساعة الواحدة ، وقال : في سنة ثلاث وعشرين وستمائة : ولي تدريس العادلية الكبيرة ، وكان أولا : يقول درسا في التفسير حتى أكمل التفسير إلى آخره ، ثم توفي عقيب ذلك ، ويقال درّس الفقه بعد التفسير ، وكان يعتمد في أمر إثبات السجلات اعتمادا حسنا ، وهو أنه كان يجلس في كل يوم جمعة
__________________
(١) ابن كثير ١٣ : ٢١١.