فصل في بحر القلزم
وجزائره وما به من العجائب
وهذا البحر شعبة من بحر الهند ، جنوبيه بلاد بربر والحبشة ؛ وعلى ساحله الشرقي بلاد العرب وعلى ساحله الغربي بلاد اليمن. والقلزم اسم لمدينة على ساحله ؛ وهو البحر الذي غرق فيه فرعون ؛ وهو بحر مظلم موحش لا خير فيه باطنا ولا ظاهرا ؛ وفي هذا البحر جزائر كثيرة وغالبها غير مسكونة ولا مسلوكة
فمن جزائره جزيرة قريبة من أيلة يسكنها قوم يقال لهم بنو حداب ؛ ليس لهم زرع ولا ضرع ولا ماء عذب ؛ معاشهم من السمك ؛ وبيوتهم السفن المكسرة ، ويشحذون الماء والخبز ممن يمر بهم من المسافرين ؛ وعندهم دوارة في سفح جبل إذا وقع الريح عليها انقسمت قسمين ويلقي المراكب بين شعبين متقابلين فيثور الريح بينهما ويخرج من كليهما متخالفين ، فتنقلب المركب بمن فيها ؛ وقيل إن هذا الموضع غرق فيه فرعون.
وجزيرة الجساسة (٣٣٣) : وبها دابة تجس الأخبار وتأتي بها إلى الدجال ؛ قال تميم الداري (٣٣٤) رضي الله عنه ؛ وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ وقد اختطفته الجن من صحن داره ؛ ومكث في بلاد الجن وغيرها مدة طويلة ورأى العجائب وقصته طويلة مشهورة ؛ قال : وركبنا هذا البحر فأصابتنا ريح عاصف ألجأتنا إلى هذه الجزيرة فإذا نحن بدابة استوحشنا منها وقلنا لها : ما أنت؟ قالت : أنا
__________________
(٣٣٣) الجساسة : دابة في جزائر البحر ، تجس الأخبار وتأتي بها الدجال ، وخبرها مفصل في معجم البلدان الجساسة).
(٣٣٤) تميم الداري : هو تميم بن أوس بن خارجة بن عدي بن عبد الدار ، أهدى النبي فرسا يقال له الورد ، فأعطاه عمر وروى حديث الجساسة الشهير (أنساب الأشراف (١ / ٥١٠) ، وأسد الغابة (١ / ٢٥٦).